المحقق العراقي (قدس سره) وأورد عليه بما ستعرفه.
إلا أن الانصاف يقضي بان نظر المحقق العراقي يمكن أن يكون إلى جهة أخرى، وهي ان الوضع أمر اعتباري الا انه يختلف عن الأمور الاعتبارية الأخرى، بان ما يتعلق به الاعتبار يتحقق له واقع ويتقرر له ثبوت واقعي كسائر الأمور الواقعية. فهو يختلف عن الأمور الواقعية، من جهة انه عبارة عن جعل العلقة واعتبارها. ويختلف عن الأمور الاعتبارية، بان ما يتعلق به الاعتبار لا ينحصر وجوده بعالم الاعتبار، بل يثبت له واقع في الخارج.
توضيح ذلك: ان الملازمة بين الماهيتين والطبيعتين كالملازمة بين طبيعتي النار والحرارة، كما يكون بلحاظ اشتمال كل من الماهيتين في وجودها الخارجي على خصوصية توجب عدم انفكاك وجود إحداهما خارجا عن وجود الأخرى بين النار والحرارة في الوجود الخارجي، كذلك تحصل بالملازمة بين الوجود الذهني لإحداهما ووجوده للأخرى وعدم الانفكاك بينهما في عالم الذهن، كما إذا كان تصور إحداهما لا ينفك عن تصور الأخرى كما يقال في العمى والبصر فان تصور العمى لا ينفك عن تصور البصر.
فكما ينتزع عن عدم الانفكاك بين الوجودين الخارجيين والملازمة بينهما الملازمة بين نفس الماهيتين الموجودتين، كذلك ينتزع ذلك عن عدم الانفكاك بين الوجودين الذهنيين. وهذه الملازمة لها تقرر في نفس الامر وثبوت واقعي لا تصل إليه يد التغيير والتبديل.
وعليه، فالمدعى ان الجاعل اعتبر مفهوم الملازمة والعلقة بين اللفظ والمعنى - كما هو شأن كل جعل، فإنه يتعلق بالمفاهيم -، وقد نشأ من اعتبار هذه الملازمة ملازمة حقيقية واقعية بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى، بلحاظ ان ذلك الاعتبار أوجب عدم انفكاك العلم بالمعنى وتصوره عن العلم باللفظ وتصوره، وتلازم الانتقال إلى المعنى مع الانتقال إلى اللفظ وهذا، يعني حدوث ملازمة واقعية