الوضع التعييني والتعيني اشتهر بين الاعلام تقسيم الوضع إلى قسمين تعييني وتعيني. وعرف الأول بأنه: تخصيص اللفظ بالمعنى من قبل واضع معين. وعرف الثاني: بأنه الارتباط الخاص الحاصل بين اللفظ والمعنى الناشئ من كثرة الاستعمال.
ولكن الذي يختلج في النفس ان الوضع التعيني لا أساس له، فإنه لا يتصور له معنى معقول، إذ لا وجه لان يختص اللفظ بالدلالة على المعنى بكثرة الاستعمال، مع أن الدلالة في هذه الاستعمالات الكثيرة لا ينفرد بها اللفظ، بل يشترك معه القرينة. ولو كان لمثل هذا مثال ملموس وواقع ثابت لأمكن ان نقول بأن ملاكه شئ معقول لا تصل إليه أذهاننا إذ انكار الواقع مكابرة ظاهرة، الا انه لم يتضح لدينا وجود لفظ كذلك، يعني استعمل في معنى مع القرينة كثيرا بحيث صار دالا على المعنى بلا قرينة. فلا نستطيع الجزم بمعقولية الوضع التعيني بسهولة.
ثم إنه قد ورد في تقريرات بحث السيد الخوئي (حفظه الله)، ان التعهد ان كان ابتدائيا فالوضع تعييني، وان كان منشؤه كثرة الاستعمال فالوضع تعيني (1).
ولم يعلم الوجه في الكلام الأخير، لان كثرة الاستعمال كما لا يخفى من الأمور التشكيكية الصادقة على عدد وأقل منه وأكثر. فان بلغت الكثرة بحد يتحقق به ارتباط بين اللفظ والمعنى وعلاقة بحيث إذا أطلق اللفظ ينتقل المعنى بواسطته إلى الذهن فلا ملاك للتعهد، لان الغرض به حاصل بدونه وهو قابلية اللفظ للتفهيم. وإن لم تصل إلى ذلك الحد فلم يثبت مقدار ما يكون للتعهد، كما .