وقد يضرب تقريبا لذلك بعض الأمثلة العرفية، ولا أظنني بعد هذا البيان بحاجة إلى ذكرها فتدبر.
تتمة: يحسن بنا أن يكون ختام البحث في هذه المسألة تحقيق ما جاء في بعض كلمات الفقهاء من عدم جواز قصد معاني آيات الكتاب الذي يقرأ في الصلاة، لان ذلك محل الابتلاء ولعلاقته بالمسألة.
وقد وجه امتناع ذلك: بان المطلوب في الصلاة هو القراءة، وهي - أعني القراءة - استعمال اللفظ في اللفظ، فإذا قصد بالآية المعنى التي استعملت فيه كان ذلك من استعمال اللفظ في المعنى، وهو يوجب عدم تحقق القراءة لامتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى، فإذا استعمل في المعنى امتنع استعماله في اللفظ فلا تتحقق القراءة، مع أنه قد ورد في الروايات استحباب ذلك والحث عليه وان كمال الصلاة بقصد المعنى والالتفات إليه (1).
وقد أجيب عن هذا الوجه بوجوه:
الأول: ان قصد المعنى من اللفظ لا يكون في عرض القراءة، بل في طولها، بمعنى انه يقصد الحكاية عن اللفظ باللفظ ويقصد في نفس الوقت الحكاية عن المعنى باللفظ المحكي لا الحاكي فلا محذور فيه، إذ لم يستعمل اللفظ في معنيين بل كل لفظ مستعمل في معنى (2).
وهذا الوجه واه جدا. وقد قيل في ابطاله وجوه متعددة. والوجه الواضح في الاشكال فيه: هو انه يستلزم اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي في شئ واحد. بيان ذلك: ان اللفظ المحكي باللفظ بما أنه محكي ومستعمل فيه يكون ملحوظا بالاستقلال، وبما أنه حاك عن المعنى وفان فيه يكون ملحوظا آلة، .