والمتحصل: ان ما ذكره المحقق الأصفهاني وجيه في نفسه، إلا أن الاشكال في أصل مبناه، وهو كون الاستعمال ايجاد المعنى تنزيلا باللفظ، فإنه وان وقع في كلام الفلاسفة، الا انه لا يعلم له وجه ظاهر ولم يذكر دليل عليه، بل هو يقع في الكلمات بنحو إرسال المسلمات، فهو قابل للانكار لأنه دعوى بلا دليل، بل قد مر عليك ما يوهنه من عدم تصور معنى معقول لتنزيل اللفظ منزلة المعنى فراجع (1).
والذي ننتهي إليه ان امتناع الاستعمال في أكثر من معنى وامكانه يبتني على تفسير الاستعمال وحقيقته، وكونها افناء اللفظ في المعنى أو جعله علامة عليه، فيمتنع على الأول ويمكن على الثاني كما تقدم.
وقد بنى السيد الخوئي كون حقيقة الاستعمال أحد هذين المعنيين على ما يختار في حقيقة الوضع، فان اختير انها تنزيل اللفظ منزلة المعنى كان الاستعمال افناء للفظ في المعنى وايجادا للمعنى باللفظ، فيمتنع أن يكون الاستعمال في أكثر من معنى كما عليه صاحب الكفاية. وان اختير - كما هو الحق لديه - ان حقيقة الوضع هي التعهد والقرار كان الاستعمال جعل اللفظ علامة للمعنى، لان الاستعمال ليس إلا فعلية ذلك التعهد وجعل اللفظ علامة لابراز ما قصد المتكلم تفهيمه، فلا مانع من أن يكون علامة لإرادة المعنيين المستقلين. كما أن تفسير الوضع باعتبار الملازمة بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له أو بجعل اللفظ على المعنى اعتبارا لا يستدعي فناء اللفظ في المعنى في مقام الاستعمال.
والذي ينتهي إليه أخيرا هو جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، لأنه يختار كون حقيقة الوضع هي التعهد الذي لازمه كون الاستعمال جعل اللفظ علامة للمعنى المقتضي لامكان الاستعمال في أكثر من معنى (2).
.