للمفاهيم.
واما عدم صحة ما اختاره للجملة الانشائية من معنى - الذي يتلخص في أن الجملة الانشائية موضوعة بقصد ابراز الصفات النفسانية الحاصلة في النفس من تمن وترج واستفهام واعتبار، فهي موضوعة لواقع هذه الصفات لا لمفهومها، بمعنى ان الواضع تعهد بأنه متى ما كان في نفسه احدى هذه الصفات ذكر الهيئة الخاصة بها، ولذلك يكون الاتيان بالجملة الانشائية موجبا للعلم بحصول هذه الصفة في نفس المتكلم فيرتب عليه آثارها، وليس موجبا للتصور والخطور، فإنه من شأن المفاهيم لا الوجودات - فلوجهين:
الأول: ان ذلك انما يتم في غير ما إذا كانت المادة موضوعة لمفهوم الصفة النفسانية الموضوع لها الهيئة نظير: (ملكت)، فان الهيئة تدل على الاعتبار القائم بالنفس، والمادة تدل على الملكية، وهي غير مفهوم الصفة النفسانية أعني الاعتبار كما لا يخفى، فالمجموع من الهيئة والمادة يدل على اعتبار الملكية.
وأما فيما إذا كانت المادة موضوعة لمفهوم الصفة النفسانية مثل:
(اعتبرت) ان قصد بها الانشاء أو: (اتمنى) المقصود بها انشاء التمني، فلا يتم ما ذكر، لان معنى الكلام - بمقتضى ما ذكر بملاحظة المجموع من الهيئة والمادة - اعتبار الاعتبار وتمني التمني ولا ريب في فساده ولا يلتزم به القائل مع أنه لازم قوله.
وهكذا لا يتم ما ذكر فيما كان المنشأ لفظا غير المقصود اعتباره مثل (بعت) فان المقصود اعتبار الملكية، والصيغة بمادتها وهيئتها انما تدل على اعتبار البيع ولا معنى له، إذ البيع من الأفعال التكوينية الخارجية لا من الاعتباريات، لأنه يدل على ايجاد التمليك ويشير إلى صدور التمليك عن البائع، وهو امر تكويني ليس باعتباري، وبعبارة أخرى: التمليك بلحاظ جهة الصدور ليس اعتباريا كالملكية كما لا يخفى.