الامر الثالث: قد عرفت أن النزاع في وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدأ أو الأعم منه وممن انقضى عنه المبدأ، ودلالة الهيئة على خصوص المتلبس أو عليه وعلى المنقضي عنه التلبس.
فقد يتوهم اختصاص النزاع بما إذا كان المبدأ فعليا كالضرب والأكل، دون ما كان حرفة أو ملكة، كالصياغة والشعر، لوضوح صدق الصائغ على من له حرفة الصياغة ولو لم يكن متلبسا بالصياغة فعلا، فلا نزاع في ذلك.
ولكنه توهم فاسد فان اختلاف المبادئ لا يوجب اختصاص النزاع بمورد دون آخر، بل هو يتأتى في الجميع، لكن الفرق في التلبس وعدمه، فان المبدأ إذا كان فعليا كان التلبس به بمباشرته فعلا ويصدق الانقضاء عند عدم مباشرته، واما إذا كان حرفة فالتلبس به يصدق ما دام محترفا ولو لم يباشر الفعل، إذ لا يعتبر فيه المباشرة، ولا يصدق الانقضاء الا إذا انقطع عن الاحتراف.
فالنزاع يقع حينئذ في صدق المشتق على من انقضى عنه المبدأ بمعنى انقطع عن الاحتراف.