الانفاذ - لا يقبل الاعتبار كما عرفت، فيلزم أن لا تكون انشاء على هذا التفسير مع أن كون الإجازة من الانشائيات مما لا يخفى.
واما لو كانت بلفظ القبول مثل: (قبلت) فالايراد لا يتأتى، إذ قد يدعى بان الاعتبار تعلق بنفس المسبب، والمنشأ هو نفسه لا التأثير والسببية. بدعوى:
ان القبول عرفا في معنى الاقرار بالتمليك الحاصل وجعل طرفه نفسه لا المنشئ الفضولي، فيكون انشاء التمليك مباشرة.
وبالجملة: من مجموع ما ذكرنا ومما سيأتي من الاشكال على معنى الصيغة الانشائية يحصل الجزم بعدم صحة هذا الاختيار. هذا مع أنه (حفظه الله) لم يتعرض لنفي ما ذكره صاحب الكفاية وابطاله، وانما تعرض لنفي المذهب المشهور خاصة، وهذا على خلاف أسلوب التحقيق.
فالمتعين في معنى الانشاء من بين الآراء هو الرأي الثالث المشهور بين الاعلام لارتكازه في الأذهان.
هذا كله في الانشاء. واما الاخبار فلا خلاف في معناه، وانه هو استعمال اللفظ في المعنى بقصد الحكاية عن ثبوته في موطنه ووعائه من ذهن أو خارج.
وأما المقام الثاني، فتحقيق الكلام فيه: انه قد نسب إلى المشهور دعوى كون الموضوع له الجملة الخبرية ثبوت النسبة أو لا ثبوتها في الخارج، فمدلولها ثبوت النسبة في الخارج أو لا ثبوتها. فالثبوت معنى الجملة الايجابية وعدم الثبوت معنى الجملة السلبية.
وأورد السيد الخوئي على ذلك بوجهين:
الأول: ان مقتضى كون مدلول الجملة الخبرية ثبوت النسبة أو لا ثبوتها حصول العلم بثبوتها أو عدمه بمجرد اطلاق الجملة، مع أن الوجدان قاض بعدم ذلك، وانه لولا القرائن الخارجية أو الاطمئنان الشخصي بصدق المخبر لا يحصل العلم من الجملة لو خليت ونفسها، بل لا يحصل الظن.