والخلاف والنزاع انما هو في تفسير ذلك المعنى والكشف عنه وتحديده بنحو جامع مانع، والدقة في هذا المقام لا في نفس المعنى كي يدعى عدم ادراك العرف ووصوله إليه.
وأما الثاني: فلان ما أفاده المحقق المزبور لا ينافي صحة التعبير عن المعنى بالموضوع له، باعتبار ان اللفظ انما وضع على المعنى للدلالة على المعنى والانتقال إليه عند ذكر اللفظ، فالمقصود من كون المعنى موضوعا له انه قد وضع اللفظ للدلالة عليه فاللام بمعنى الغاية. فالمعنى بهذا البيان موضوع عليه وموضوع له، والتعبير عنه عادة بالموضوع له، انما هو لاجل كون الغرض من الوضع هو إفادة المعنى والدلالة عليه باللفظ، ونفس الوضع ملحوظ طريقا إلى هذه الجهة كما لا يخفى. ولكنه مع هذا يصح التعبير عنه بالموضوع عليه بلحاظ جهة نفس الوضع ولا محذور فيه.
فالأولى ان يورد على المحقق الأصفهاني:
أولا: بان الموضوع عليه في سائر الدوال غير المنكشف، بخلافه في اللفظ. فان العلم انما يوضع على نفس المكان ووجوده كذلك يكون كاشفا عن أن هذا المكان رأس فرسخ. وبعبارة أخرى: ان المكان بوضع العلم عليه يتصف بوصف وهو كونه موضوعا عليه العلم، وهو بهذا الوصف يكشف عن صفة أخرى فيه كانت مجهولة وهو كونه رأس فرسخ، وليس الموضوع عليه المكان بوصف كونه رأس فرسخ، لان هذا الوصف وصف عنواني لا مدخلية له في تحقق الوضع، بل الوضع يتقوم بذات المكان، وهذا بخلاف اللفظ فان الموضوع عليه اعتبارا نفس المعنى والمنكشف به هو نفس المعنى أيضا، وعليه فلا ينحصر الفرق بين الألفاظ وسائر الدوال بما ذكره، بل هذا وجه فارق أيضا.
وثانيا: وهو العمدة، بان الوضع التكويني الواقعي لا يقتضي دلالة الموضوع على الموضوع له بنفسه، والا للزم أن يكون كل علم دالا على رأس