وقد تكون أوامرهم ونواهيهم صادرة لا بجهة السلطنة والحكومة الإلهية، بل لبيان الأحكام الإلهية والفتوى، فلا تكون مولوية، ومخالفتها لا تكون حراما موجبا للفسق بما أنها مخالفتهم، بل بما أنها مخالفة لأحكام الله؛ فإن أوامرهم الكذائية إرشادية إلى الأحكام الإلهية كفتوى الفقيه، فلا تكون لها إطاعة ومعصية، ولا مخالفتها موجبة للعقاب، بل هي كاشفة عن أحكام الله.
نعم، إنها لو كانت مطلقة غير مقارنة للترخيص، أو قرينة الندب، تكون كاشفة عن الأوامر المولوية الوجوبية.
وإن شئت قلت: لما كانت كاشفة عن الطلب الإلهي، فلا مناص من وجوب إطاعتها، إلا مع الإذن في الترك.
فتحصل مما ذكرنا: أن الأوامر والنواهي المنقولة عن أئمتنا المعصومين (عليهم السلام)، بل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، جلها إرشادية ليست بمولوية.
نعم، قد تكون إرشادا إلى الأوامر والنواهي الإلهية، وقد تكون إرشادا إلى الصحة والفساد، أو إلى الشرطية والمانعية، أو المصلحة والمفسدة؛ حسبما ما يستفاد من تفاصيلها وتضاعيفها.