10 - اعلم: أنه تختلف إرادة الفاعل فيما صدر منه قوة وضعفا، حسب اختلاف أهمية المصالح المدركة عنده، فالإرادة المحركة لعضلاته لنجاة نفسه عن الهلكة، أقوى من الإرادة المحركة لها للقاء صديقه، وهي أقوى من المحركة لها للتفرج والتفريح، فمراتب الإرادات - قوة وضعفا - تابعة لإدراك أهمية المصالح أو اختلاف الاشتياقات، واختلاف حركة العضلات - سرعة وقوة - تابع لاختلاف الإرادات كما هو ظاهر. (مناهج الوصول 1: 247).
وأن الإرادة لما كانت من الحقائق البسيطة كالعلم والوجود، يكون التشكيك الواقع فيها خاصيا - ما به الافتراق بين مراتبها عين ما به الاشتراك - ولا يكون الاختلاف بينها بتمام الذات المستعمل في باب الماهيات، أو بعضها، أو خارجها؛ ضرورة عدم التباين الذاتي بين الإرادة القوية والضعيفة، ولا يكون اختلافهما ببعض الذات؛ لبساطتها، ولا بأمر خارج؛ حتى تكونا في مرتبة واحدة، والشدة والضعف لاحقان بها، فالإرادة كسائر الحقائق البسيطة يكون افتراق مراتبها كاشتراكها بتمام الذات، وتكون ذات عرض عريض ومراتب شتى.
وأن صدور الأمر من الآمر - بما أنه فعل إرادي له كسائر أفعاله الإرادية - مسبوق بمقدمات من التصور إلى الإرادة وتحريك العضلات، غاية الأمر أن العضلات فيه عضلات اللسان، وتكون الإرادة فيه - قوة وضعفا - تابعة لإدراك أهمية الفعل المبعوث إليه؛ ضرورة أن الإرادة الباعثة إلى إنجاء الولد من الغرق، أقوى من الباعثة إلى شراء اللحم.
ثم إنه قد يظهر آثار الشدة في المقال، بل في كيفية تأدية الكلام شدة، أو في الصوت علوا وارتفاعا، وقد يقرن أمره بأداة التأكيد والوعد والوعيد، كما أنه قد يقرنه بالترخيص في الترك، أو بما يفهم منه الوجوب أو الاستحباب. (مناهج الوصول 1: 248 - 249).