ذاتا، وإما كشفا.
بل لو شك في مقارنة أمر المولى للترخيص، أو إرادته للرضا بالترك، يكون حكم العقلاء ثابتا. ولو ترك العبد أمر المولى؛ معتذرا بالشك في مقارنته للترخيص، أو مقارنة إرادته للرضا بالترك، عد عاصيا مستحقا للعقوبة والذم عند العقلاء كافة.
وهذا هو العمدة في حمل الطلب المطلق على الوجوب، وإن دل على ذلك أيضا قوله تعالى: (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) (1) بعد قوله: (قلنا للملائكة اسجدوا لادم) (2) فإن ذمه تعالى لإبليس لمخالفته مجرد أمره بالسجود، كما يظهر من صدر الآية.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الطلب المطلق سواء كان مجردا عن الترخيص، أو مشكوك التجرد عنه، محمول على الوجوب، وإنما يحمل على الندب إذا احرزت مقارنته للترخيص، أو مقارنة الإرادة للرضا بالترك.
بل المحقق القمي (رحمه الله)، ذهب إلى أن الطلب مطلقا محمول على الوجوب (3) ولا تعقل مقارنة الطلب للترخيص؛ فإن البعث إلى الفعل والترخيص في الترك، متنافيان غير مجتمعين، وليست للإرادة مراتب، بل الإرادة مطلقا حتمية وجوبية، والأوامر الندبية كلها إرشادية؛ ترشد إلى ما في متعلقاتها من المصالح، فالآتي بها لا ينال إلا تلك المصالح، والتارك لها يحرم عنها، وليس في البين طلب أصلا.
وعلى هذا: يكون الوجوب والندب سنخين متباينين، أحدهما من سنخ