عين الإشكال ومناط الدور (14).
وإنما قلنا: إن الإشكال فيها أشد ورودا؛ لأن الأمر لما كان أمرا اختياريا،
14 - وأيضا لما كانت المصلحة قائمة بالمقيد يكون الفعل غير ذي المصلحة، فلا يمكن قصدها إلا على وجه دائر؛ لأن قصد المصلحة يتوقف عليها، وهي تتوقف على قصدها فرضا.
وأيضا أن الداعي مطلقا في سلسلة علل الإرادة التكوينية، فلو اخذ في العمل الذي في سلسلة المعاليل، لزم أن يكون الشيء علة لعلة نفسه، فإذا امتنع تعلق الإرادة التكوينية، امتنع تعلق التشريعية؛ لأنها فرع إمكان الاولى.
ويمكن دفع الأول ببعض ما ذكرنا في دفع الإشكال في قصد الأمر.
مضافا إلى أن يقال: إن للصلاة مصلحة بنحو الجزء الموضوعي، ولما رأى المكلف أن قصدها متمم للمصلحة، فلا محالة يصير داعيا إلى إتيانها بداعي المصلحة، من غير لزوم كون الداعي داعيا.
وبهذا يجاب عن الإشكال الثاني ويقطع الدور؛ فإن قصد المصلحة - التي هي جزء الموضوع - يتوقف عليها، وهي لا تتوقف على القصد، ولما رأى المكلف أن هذا القصد موجب لتمامية الموضوع وحصول الغرض، فلا محالة يدعوه ذلك إلى القصد إلى الفعل.
نعم، لا يمكن قصد تلك المصلحة مجردة ومنفكة عن الجزء المتم، وفيما نحن فيه لا يمكن التفكيك بينهما.
وأما الجواب عن الثالث: فبمثل ما سبق، من أن الداعي والمحرك إلى إتيان المأمور به، بعض المبادئ الموجودة في نفس المكلف، كالحب والخوف والطمع، وتصير هذه المبادئ داعية إلى إطاعة المولى بأي نحو أمر وشاء.
فإذا أمر بإتيان الصلاة بداعي المصلحة، تصير تلك المبادئ المتقدمة داعية إلى إتيانها بداعي المصلحة، من غير لزوم تأثير الشيء في علته، ألا ترى أنك إذا أحببت شخصا حبا شديدا، فأمرك بإتيان شيء مبغوض أن تأتي به لأجله، صارت تلك المحبة داعية إلى إتيانه بداعي إطاعته وطلبا لمرضاته من غير لزوم الدور. (مناهج الوصول 1:
273 - 274).
أما الجواب عن كلام المحقق الخراساني فيأتي في الصفحة 81.