وليعلم: أن مناط استحقاق العبد للثواب والعقاب، ليس هو إرادية الفعل ومجرد صدوره عن العلم والإرادة، كيف! وجميع الحيوانات تكون أفعالها عن علم وإرادة بالضرورة، فلو كان مجرد صدور الفعل عن علم وإرادة، مصححا لاستحقاق العقوبة، للزم الالتزام بصحة عقوبة الحيوان، مع قضاء الضرورة ببطلانه.
والتحقيق: أن مناط الاستحقاق وصحة العقوبة، هو اختيارية الفعل، وليست الاختيارية بمجرد الصدور عن علم وإرادة كما يظهر من المحقق الخراساني (1) وغيره (2) وإلا لعاد المحذور.
ولتوضيح الحال لابد من تمهيد مقدمة؛ وهي أن الإنسان مخلوق من رقائق مختلفة، هي رقائق العوالم العلوية والعوالم السفلية، وله بحسب اقتضاء كل رقيقة ميل، فله ميول مختلفة، فباقتضاء رقائقه العلوية له ميل إلى جهة العلو وعا لم التقديس والتنزيه، فيحن إلى الكمال وحقيقة العبودية، وباقتضاء رقائقه السفلية يميل إلى جهة السفل والمنزلة الحيوانية والشيطانية، ويحن