وفيه ما عرفت: أن معنى اعتبار الأمارة القائمة على حكم أو موضوع ذي حكم، هو ترتيب آثار الواقع عليه لدى الشك فيه، وأما مع القطع بعدمه فلا معنى لاعتبارها، فإذا اخذ القطع في موضوع، فقامت الأمارة على ذلك الموضوع للشاك، يقطع بعدم تحقق موضوع حكمه.
وأيضا: قيام الأمارة على الخمرية، لا على القطع بها، والموضوع هو الثاني، لا الأول، ولو قامت على الثاني تكون كذبا قطعا.
وهاهنا احتمال ثالث في توجيه عبارته وهو أن المراد من القطع الملحوظ على الصفتية ملاحظته من حيث أنه كشف تام، ومن الملحوظ على نحو الطريقية ملاحظته من حيث أنه أحد مصاديق الطرق المعتبرة؛ أي ملاحظة الجامع بين القطع وبين سائر الطرق المعتبرة.
فإن اخذ في الموضوع على النحو الأول، لا تقوم الأمارات مقامه، بخلاف ما إذا اخذ فيه على النحو الثاني، فإنها تقوم مقامه بواسطة الأدلة الدالة على اعتبارها.
فإن كان القطع بعض الموضوع، وبعضه الآخر هو الواقع المقطوع به، فيكفي في إثبات جزء الموضوع واعتبار الأمارة بالنسبة إليه، كونه ذا أثر تعليقي؛ أي لو انضم إليه الجزء الآخر يكون ذا أثر فعلي شرعي، وكم له من نظير، فإن إثبات بعض الأجزاء بالأصل أو الأمارة، والباقي بالوجدان، غير عزيز.
وأما إن كان تمام الموضوع، فلا معنى لاعتبار الأمارة إلا إذا كان للموضوع أثر آخر تعتبر الأمارة بلحاظه، مثل أن يكون الخمر موضوعا للحرمة واقعا، وما علم خمريته يكون موضوعا للنجاسة مثلا، فحينئذ يمكن إحراز الخمر تعبدا بقيام البينة؛ لكونها ذات أثر شرعي، وبعد قيامها يترتب عليها الحكم الآخر الذي