الشرعي الثابت للواقع، وإنما يكون ذلك عملا بالقطع؛ لانطباق العمل به على العمل بالواقع المقطوع به، فيكون وجوبا شرعيا.
إذا عرفت ذلك نقول: إنه لا إشكال في أن إطلاق " الحجة " على الأمارات عند الاصوليين، ليس إلا لأنها حجة على الأحكام الواقعية الثابتة لموضوعاتها؛ بمعنى أنها منجزات لها، فتكون الأمارات حجة على الواقع، ومنجزة لها، ولا تطلق عليها " الحجة " باعتبار وجوب العمل على طبقها وجوبا ظاهريا في مقابل الواقع؛ فإن وجوب العمل بالأمارات لدى الشك في الواقع، حكم ظاهري اخذ في موضوعه الشك في الواقع، ويكون مجعولا بلحاظ التحفظ على الواقع، فها هنا أمران:
أحدهما: الأحكام الواقعية المنجزة بواسطة قيام الأمارات عليها.
ثانيهما: الأحكام الظاهرية الثابتة للأمارات، وتكون هي موضوعات لها.
فالأمارات منجزات للأحكام الواقعية، وموضوعات للأحكام الظاهرية؛ أي يجب العمل على طبقها لدى الشك في الواقع، فإذا قيل: " إنها حجة " إنما يراد كونها منجزات للواقع، لا أنه يجب العمل على طبقها وجوبا ظاهريا.
وبهذا المعنى من إطلاق " الحجة " على الأمارات، تطلق على القطع أيضا؛ لكونه أيضا منجزا للواقع كسائر الأمارات، ولا يقع القطع ولا غيره من المنجزات وسطا في الإثبات في قياس باعتبار منجزيتها للواقع.
وأما وقوع الأمارات وسطا في قولنا: " هذا قامت الأمارة الكذائية على وجوبه، وكل ما كان كذلك يجب العمل به " فإنما هو بالنسبة إلى الحكم الظاهري الثابت بها لدى الشك؛ أي الحكم الذي تكون الأمارات القائمة على الواقع موضوعات له، لا الموضوعات الواقعية، فتدبر ولا تغفل.
ثم إنه قد اتضح: أن الظاهر من كلام الشيخ - أي قوله: لاشك في وجوب