والقصير - باختيار القصير، من غير أن يكون للمولى أمر وبعث، بل ما يكون من قبله ليس إلا النهي عن التصرف (75).
75 - والأقوى أن التصرف حرام فعلي ولا يكون واجبا:
أما عدم الوجوب: فلعدم دليل عليه بعنوان الخروج من الأرض المغصوبة، أو التخلص عن الغصب، أو رد المال إلى صاحبه، أو ترك التصرف في مال الغير.
نعم، دل الدليل على حرمة الغصب وحرمة التصرف في مال الغير بلا إذنه، والعناوين الاخر لا دليل على تعلق الوجوب بها، وما في بعض الروايات: من أن (المغصوب كله مردود) لا يدل على وجوب الرد بعنوانه، بل لما كان الغصب حراما، يرد المغصوب تخلصا عن الحرام عقلا، فهو إرشاد إليه.
نعم، بناء على أن النهي عن الشيء مقتض للأمر بضده العام ووجوب مقدمة الواجب يمكن القول بوجوب بعض تلك العناوين؛ لأن التصرف في مال الغير إذا كان حراما، يكون ترك التصرف واجبا، والخروج عن الدار مقدمة لتركه على إشكال، لكن المقدمتين ممنوعتان، كما حقق في محله.
وأما حرمة التصرف الخروجي فعلا: فلما تكرر منا: من أن الأحكام المتعلقة بالعناوين الكلية - كقوله: (لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه) - فعليه على عناوينها من غير لحاظ حالات كل واحد من المكلفين، وصحة الخطاب العمومي لا تتوقف على صحة الباعثية بالنسبة إلى جميع الأفراد، وأن الخطابات لم تكن مقيدة بالقادر العالم الملتفت، لا من ناحية الحكم، ولا من ناحية العقل كشفا أو حكومة، لكن العقل يحكم بمعذورية المكلف في بعض الأحيان.
فالحكم بعدم جواز التصرف في مال الغير فعلي على عنوانه، غير مقيد بحال من الأحوال، لكن العقل يحكم بمعذورية العاجز إذا طرأ عليه لا بسوء اختياره، وأما معه فلا يراه معذورا في المخالفة.
فالحكم الفعلي بالمعنى المتقدم قد يخالف بلا عذر، وقد يخالف معه، وما نحن فيه من قبيل الأول، وإن حكم العقل بلزوم التخلص؛ لكونه أقل المحذورين، وهكذا الحال في جميع الموارد التي سلب المكلف قدرته اختيارا. (مناهج الوصول 2: 143 - 144).