والأول: ضروري البطلان.
والثاني: خلاف الوجدان.
والثالث: خلاف الضرورة؛ بداهة امتناع تعلق العلم والجهل بشيء واحد من جهة واحدة.
فإذا بطلت التوالي بأسرها بطل المقدم وهو كون هذا التعلق نحو عروض الأعراض الموجودة الحالة في محالها.
ومورد النقض هو عين ما نحن فيه، والحل بما عرفت: وهو أن العلم والجهل إنما يكون قيامهما بنفس العالم والجاهل، ولهما نحو تعلق بالمعلوم والمجهول، ويكون تحقق تلك الإضافة إلى المعلوم والمجهول - أي المشكوك فيه - بعين تحقق العلم والشك، وليس لهما وجود على حدة يكون عارضا على المعلوم والمشكوك فيه، فهما في تحققهما وامتناع اجتماعهما وجوازه تابعان لمنشأ انتزاعهما، وهما العلم والشك القائمان بنفس العالم والجاهل، فإذا عطفنا النظر إلى المنشأ نرى أن الممتنع هو اجتماع العلم والشك في شيء واحد من جهة واحدة. وأما تعلق العلم بجهة والشك بجهة اخرى، فغير ممتنع، وإن اتفق اجتماعهما في موجود شخصي، وانطباقهما على واحد خارجي، كالحركة الخارجية الشخصية المتصفة بالمعلومية والمشكوكية بجهتين.
ثم إنا لا نحتاج إلى إقامة البرهان على الجواز حتى يقال: لعل الاجتماع يكون ممتنعا بجهة اخرى غير ما ذكر ولم نتنبه عليها، فلابد لإثباته من إقامة البرهان؛ وذلك لأن رفع اليد عن إطلاق الأدلة وعمومها لا يجوز إلا بدليل شرعي أو عقلي مفقود في المقام، ومجرد احتمال جهة واقعية تكون موجبة للامتناع لا يصحح رفع اليد عن الأدلة - كما هو واضح - فلابد للمانع من إقامة الدليل، لا للمجوز.