والكثرة وجواز الاجتماع وعدمه تابعة لها، فلابد من عطف النظر إلى المناشئ.
فنقول: لا يكون مطلق اجتماع الأمر والنهي في نفس المولى ممتنعا؛ ضرورة اجتماعهما في نفسه بالنسبة إلى متعلقات متشتتة كثيرة، بل ما يكون ممتنعا - ويكون من قبيل اجتماع الضدين - اجتماع الأمر والنهي من مولى واحد، متوجها إلى عبد واحد بجهة واحدة في زمن واحد.
وأما تعلق الأمر بحيثية، وكذا تعلق الإرادة بها، وتعلق النهي والكراهة بحيثية اخرى، فغير ممتنع، ولو أوجدهما المكلف بسوء اختياره في مصداق واحد وموجود فارد؛ ضرورة أن معنى تعلق البعث بحيثية أن تكون تلك الحيثية تمام المتعلق للأمر والبعث، وعدم دخالة حيثية اخرى فيه، كما أن معنى تعلق الزجر والنهي بحيثية أيضا كذلك، فلا يعقل أن يتجاوز الأمر ما تعلق به وقامت المصلحة الملزمة فيه إلى حيثية اخرى أية حيثية كانت؛ اتحدت معه في الخارج أو لا، فما هو متعلق العلم بالصلاح هو متعلق الاشتياق والإرادة والبعث؛ لا يمكن أن يتخلف أحدها عنه ويصير شيء آخر دخيلا فيه بنحو من الدخالة، وكذا في جانب النهي.
ووزان الإرادة التشريعية وزان الإرادة التكوينية في ذلك طابق النعل بالنعل والقذة بالقذة، فكما أن ما تعلق العلم بالمصلحة فيه، يصير متعلقا للاشتياق وتوقان النفس والإرادة التكوينية للإيجاد، ولا يمكن أن يتعلق الشوق والإرادة بما يقارنه ويتحد معه في الوجود، فإكرام الصديق الذي هو متعلق الشوق والإرادة هو تمام الموضوع والمتعلق لهما، ولا يكون شيء من مقارناته والمتحدات معه في الوجود - من كونه في زمان كذا، أو مكان كذا، ومتعلقا لإضافات كذائية، وأوضاع كذائية - متعلقا لهما؛ فإنها كلها خارجة عن الموضوع الذي قامت المصلحة به، ويكون تعلق الشوق والإرادة بها بلا ملاك