ثم إن هاهنا إشكالا على الواجب المعلق (1): وهو أن وزان الإرادة التشريعية كوزان الإرادة التكوينية، طابق النعل بالنعل، وحذو القذة بالقذة، وهي في الإمكان والامتناع تابعة للتكوينية، فكما أن الإرادة التكوينية ممتنعة التعلق بأمر يكون متقيدا بشيء غير مقدور كالزمان المتأخر، أو أمر آخر لا يكون تحت قدرة العبد، فكذلك الإرادة التشريعية التي هي بإزاء التكوينية.
والحاصل: أنه فرق بين الفعل المقيد بأمر غير مقدور - كالحج في ذي الحجة قبل حضور الموسم - وبين الفعل الذي يكون مقدورا، لكن يتوقف على مقدمات مقدورة تدريجية الحصول، ربما يطول إتيانها عدة ساعات أو أيام، ففي الأول يمتنع تعلق الإرادة التكوينية الفعلية على إيجاد الفعل، وإنما تكون الإرادة تعليقية مشروطة؛ بأنه " لو أدركت ذا الحجة مثلا قادرا على الحج لحججت " بخلاف الثاني، فإن الإرادة الفعلية لا مانع من تعلقها به؛ فإن المقدور بالواسطة مقدور، فقبل الزوال لا يمكن تعلق الإرادة الفعلية بإتيان الصلاة، خصوصا إذا لم يكن لها مقدمات، أو كانت حاصلة، ويكون المكلف منتظرا لدخول الوقت، فلا يمكن فعلية الإرادة ضرورة، وأما بعد تحقق الزوال فتتعلق الإرادة بها [وإن] توقف وجودها على عدة مقدمات غير حاصلة تكون تحت قدرة العبد، كتحصيل الساتر والماء وغيرهما من المقدمات؛ فإن الصلاة مقدورة مع القدرة على مقدماتها، فتتعلق الإرادة بها.
هذا حال الإرادة التكوينية، والإرادة التشريعية مثلها طابق النعل بالنعل،