وتارة: بأن التكليف لابد وأن يتعلق بالفعل الصادر من المكلف، وما هو صادر منه هو السبب المباشري، دون غيره من الأسباب والمسببات المتأخرة عنه (1).
وفيه: أنه إن اريد من الفعل الصادر منه ما هو صادر بلا واسطة، فالكبرى ممنوعة؛ لعدم الدليل عليها، بل الضرورة قاضية بأن التكليف يحسن تعلقه بما هو فعل اختياري له ولو مع الواسطة. وإن اريد منه ما هو صادر مطلقا، فالصغرى ممنوعة؛ لقضاء الضرورة بصدور كل من الأسباب والمسببات منه اختيارا.
ومنه يظهر الخلل في المؤيد الذي ذكروه: وهو أن الفاعل بعد إصدار الفعل المباشري قد يموت قبل تحقق الفعل التوليدي، كما لو فرض موت الرامي قبل إصابة السهم الغرض، فانتساب الفعل إلى الرامي انتساب إلى الميت، وهو باطل بالضرورة (2).
وفيه: أن الانتساب إليه إنما هو بصدور الرمي منه وهو في حال حياته، وأما المسبب فلا يكون بإرادة مستقلة، ولا بقوة فاعلة اخرى، وهو واضح.
فاتضح من ذلك: أنه لا وجه لصرف ظاهر الأدلة الدالة على تعلق التكليف بالمسببات؛ ضرورة صحة التكليف بها، كما يصح بالأسباب.
ومما ذكرنا يعلم: أن مقارنة الأسباب والمسببات زمانا غير لازم، بل يمكن انفكاكهما، كما أن التأخر الزماني أيضا غير لازم، نعم التأخر الرتبي للمسبب - قضاء لحق المعلولية - لازم.
هذا حال الأسباب والمسببات التوليدية من الفواعل الطبيعية الواقعة في