المخالفة، حتى يعلم المكلف هذا الخطاب الاحتياطي، فينبعث نحو الاحتياط.
ولا يخفى: أن إيجاب الاحتياط في الشبهات التحريمية والوجوبية، موجب للعسر الشديد زائدا عما تقتضيه ذات التكليف، ولهذا ما أوجب الشارع الاحتياط؛ لمصلحة التسهيل، والأوامر الواقعية الأولية لا تصلح للباعثية إلا للعالم ونحو المعلوم، لا الشاك ونحو المجهول - كما عرفت -.
وهذا طريق الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية، فتدبر تعرف.
إن قلت: إن ما ذكرت هو التصويب المجمع على بطلانه؛ فإن الإجماع قائم على اشتراك التكليف بين العالم والجاهل (1).
قلت: مناط حجية الإجماع عندنا هو الكشف عن رأي الحجة؛ فإن اتفاق الفقهاء والمحدثين خلفا بعد سلف على المسائل التي لا سبيل للعقل إليها، يكشف كشفا قطعيا عن رأي الحجة، وهذا المناط ليس بمتحقق في هذه المسألة؛ لأن أول من تعرض للمسائل الاصولية وجمع شتاتها من أصحابنا، هو شيخ الطائفة في كتاب " العدة " فإن " ذريعة " السيد وإن كانت متقدمة عليها، لكنها غير متعرضة إلا لعدة مسائل محصورة بنحو الاختصار، وأما " العدة " فهي مشتملة على نوع المسائل الاصولية.
والشيخ (رحمه الله) لما تعرض لهذه المسألة، نقل إجماع المتكلمين خلفا عن سلف على اشتراك التكليف (2) وإجماعهم لا يكشف عن وجود النص المعتبر، أو عن رأي الحجة، فالمسألة إذن عقلية صرفة، لا تكون إجماعية بالمعنى المصطلح.