البناء على الطهارة عملا، وجواز لبس ما شك في طهارته في المشروط بها، كما أن مفاد اعتبار دليل البينة أيضا هو البناء العملي على الطهارة، وجواز لبس ما قامت البينة على طهارته في المشروط بها، من غير تفرقة بينهما من هذه الجهة.
لكن كيفية تأديتهما لهذا المعنى مختلفة؛ فإن لسان الاصول هو البناء على الطهارة لدى الشك فيها، فالشك مأخوذ في موضوع الدليل، وأما لسان الأمارات فهو البناء على تصديق العادل عملا، وكون خبره مطابقا للواقع، وهذا لسان إزالة الشك في عالم التشريع، فيكون رافعا لموضوع الأصل لدى العرف، فيقدم عليه، وهذا لا ينافي كون مفادهما هو البناء العملي - كما عرفت (1) -.
فإن قلت: لازم ما ذكرت هو تنويع المكلف؛ وأن تكليف العالم غير تكليف الجاهل، وأن الأجزاء والشرائط والموانع، إنما تختص بالعالم بها، وهذا مما لا يمكن الالتزام به؛ فإنه - مع ورود الدور في الشبهات الحكمية - مخالف لظاهر أدلة الأمارات والاصول؛ فإن الظاهر من تشريع التعبد بشيء والحكم بالبناء العملي على شيء؛ هو كونه بحسب الواقع ذا حكم حتى في زمان الشك.
مثلا قوله: " كل شيء نظيف " يدل على البناء على طهارة اللباس في زمان الشك وجواز الصلاة به، فلو لم تكن الطهارة شرطا للباس المصلي حتى في زمان الشك، فلا معنى لهذا التعبد، فمن نفس هذا الحكم بالبناء على الطهارة، يعلم كون الطهارة شرطا حتى في زمان الشك فيها، حتى يصح التعبد.
وكذلك ظاهر قوله: " رفع... ما لا يعلمون " (2) أن الحكم الموجود بحسب