المصانع: هي الأبنية التي يتخذها الناس منازل. قال أبو عبيدة: كل بناء مصنعة ومنه وبه قال الكلبي وغيره، ومنه قول الشاعر:
تركن ديارهم منهم قفارا * وهد من المصانع والبروجا وقيل هي الحصون المشيدة، قاله مجاهد وغيره. وقال الزجاج: إنها مصانع الماء التي تجعل تحت الأرض واحدتها مصنعة ومصنع، ومنه قول لبيد:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع * وتبقى الجبال بعدنا والمصانع وليس في هذا البيت ما يدل صريحا على ما قاله الزجاج، ولكنه قال الجوهري: المصنعة بضم النون الحوض يجمع فيه ماء المطر، والمصانع الحصون. وقال عبد الرزاق: المصانع عندنا بلغة اليمن القصور العالية: ومعنى (لعلكم تخلدون) راجين أن تخلدوا، وقيل إن لعل هنا للاستفهام التوبيخي: أي هل تخلدون، كقولهم لعلك تشتمني: أي هل تشتمني. وقال الفراء: كي تخلدون لا تتفكرون في الموت، وقيل المعنى: كأنكم باقون مخلدون.
اقرأ الجمهور " تخلدون " مخففا. وقرأ قتادة بالتشديد. وحكى النحاس أن في بعض القراءات " كأنكم مخلدون " وقرأ ابن مسعود " كي تخلدوا " (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) البطش السطوة والأخذ بالعنف. قال مجاهد وغيره:
البطش العسف قتلا بالسيف وضربا بالسوط. والمعنى: فعلتم ذلك ظلما، وقيل هو القتل على العصب قاله الحسن والكلبي. قيل والتقدير: وإذا أردتم البطش، لئلا يتحد الشرط والجزاء، وانتصاب جبارين على الحال. قال الزجاج: إنما أنكر عليهم ذلك لأنه ظلم، وأما في الحق فالبطش بالسوط والسيف جائز. ثم لما وصفهم بهذه الأوصاف القبيحة الدالة على الظلم والعتو والتمرد والتجبر أمرهم بالتقوى فقال (فاتقوا الله وأطيعون) أجمل التقوى ثم فصلها بقوله (واتقوا الذي أمدكم بما تعملون، أمدكم بأنعام وبنين) وأعاد الفعل للتقرير والتأكيد (وجنات وعيون) أي بساتين وأنهار وأبيار. ثم وعظهم وحذرهم فقال (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) إن كفرتم وأصررتم على ما أنتم فيه ولم تشكروا هذه النعم، والمراد بالعذاب العظيم الدنيوي والأخروي.
وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس (قالوا أنؤمن لك) أي أنصدقك؟ وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد (واتبعك الأرذلون) قال: الحواكون. وأخرج أيضا عن قتادة قال: سفلة الناس وأراذلهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (الفلك المشحون) قال: الممتلئ. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أنه قال " أتدرون ما المشحون؟ قلنا لا، قال: هو الموقر " وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال:
هو المثقل. وأخرج ابن جرير عنه أيضا (بكل ريع) قال: طريق (آية) قال: علما (تعبثون) قال: تلعبون.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (بكل ريع) قال: شرف. وأخرجوا أيضا عنه (لعلكم تخلدون) قال: كأنكم تخلدون. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (جبارين) قال: أقوياء.