تفسير سورة حم السجدة وتسمى سورة فصلت وهي أربع وخمسون آية، وقيل ثلاث وخمسون قال القرطبي: وهي مكية في قول الجميع. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال " اجتمع قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا:
ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: ائت يا أبا الوليد، فأتاه فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله، أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، أما والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا، والله ما تنتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف، يا رجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجنك عشرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فرغت؟ قال نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته، حتى بلغ " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فقال عتبة: حسبك حسبك ما عندك غير هذا؟ قال لا، فرجع إلى قريش فقالوا ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته، فقالوا: فهل أجابك قال: والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قالوا: ويلك يكلمك الرجل بالعربية وما تدري ما قال؟ قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة ". وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عمر قال: " لما قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عتبة بن ربيعة حم تنزيل من الرحمن الرحيم أتى أصحابه فقال: يا قوم أطيعوني في هذا اليوم واعصوني بعده، فوالله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت أذني قط كلاما مثله، وما دريت ما أرد عليه " وفي هذا الباب روايات تدل على اجتماع قريش وإرسالهم عتبة بن ربيعة وتلاوته صلى الله عليه وآله وسلم أول هذه السورة عليه.