تقديره الياسين إلا أن اليائين للنسبة حذفتا كما حذفتا في الأشعرين والأعجمين. ورجح الفراء وأبو عبيدة قراءة الجمهور قالا: لأنه لم يقل في شئ من السور على آل فلان، إنما جاء بالاسم كذلك الياسين لأنه إنما هو بمعنى إلياس أو بمعنى إلياس وأتباعه. وقال الكلبي: المراد بآل ياسين آل محمد. قال الواحدي: وهذا بعيد لأن ما بعده من الكلام وما قبله لا يدل عليه، وقد تقدم تفسير (إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين) مستوفى (وأن لوطا لمن المرسلين) قد تقدم ذكر قصة لوط مستوفاة (إذ نجيناه وأهله أجمعين) الظرف متعلق بمحذوف هو أذكر ولا يصح تعلقه بالمرسلين، لأنه لم يرسل وقت تنجيته (إلا عجوزا في الغابرين) قد تقدم أن الغابر يكون بمعنى الماضي، ويكون بمعنى الباقي، فالمعنى: إلا عجوزا في الباقين في العذاب، أو الماضين الذين قد هلكوا (ثم دمرنا الآخرين) أي أهلكناهم بالعقوبة، والمعنى: أن في نجاته وأهله جميعا إلا العجوز وتدمير الباقين من قومه الذين لم يؤمنوا به دلالة بينة على ثبوت كونه من المرسلين (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين) خاطب بهذا العرب أو أهل مكة على الخصوص: أي تمرون على منازلهم التي فيها آثار العذاب وقت الصباح (وبالليل) والمعنى: تمرون على منازلهم في ذهابكم إلى الشام ورجوعكم منه نهارا وليلا (أفلا تعقلون) ما تشاهدونه في ديارهم من آثار عقوبة الله النازلة بهم، فإن في ذلك عبرة للمعتبرين وموعظة للمتدبرين (وإن يونس لمن المرسلين) يونس هو ذو النون، وهو ابن متي. قال المفسرون: وكان يونس قد وعد قومه العذاب، فلما تأخر عنهم العذاب خرج عنهم وقصد البحر وركب السفينة، فكان بذهابه إلى البحر كالفار من مولاه فوصف بالإباق، وهو معنى قوله (إذ أبق إلى الفلك المشحون) وأصل الإباق الهرب من السيد، لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه وصف به. وقال المبرد:
تأويل أبق بباعد: أي ذهب إليه، ومن ذلك قولهم عبد آبق.
وقد اختلف أهل العلم هل كانت رسالته قبل التقام الحوت إياه أو بعده؟ ومعنى المشحون: المملوء (فساهم فكان من المدحضين) المساهمة أصلها المغالبة، وهي الاقتراع، وهو أن يخرج السهم على من غلب. قال المبرد:
أي فقارع. قال: وأصله من السهام التي تجال، ومعنى " فكان من المدحضين " فصار من المغلوبين. قال:
يقال دحضت حجته وأحضها الله، وأصله من الزلق عن مقام الظفر، ومنه قول الشاعر:
قتلنا المدحضين بكل فج * فقد قرت بقتلهم العيون أي المغلوبين (فالتقمه الحوت وهو مليم) يقال لقمت اللقمة والتقمتها: إذا ابتلعتها: أي فابتلعه الحوت، ومعنى (وهو مليم) وهو مستحق للوم، يقال: رجل مليم إذا أتى بما يلام عليه، وأما الملوم فهو الذي يلام سواء أتى بما يستحق أن يلام عليه أم لا، وقيل المليم المعيب، يقال ألام الرجل إذا عمل شيئا صار به معيبا. ومعنى هذه المساهمة: أن يونس لما ركب السفينة احتبست، فقال الملاحون: ها هنا عبد أبق من سيده، وهذا رسم السفينة إذا كان فيها آبق لا تجري، فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس، فقال أنا الآبق وزج نفسه في الماء. قال سعيد ابن جبير: لما استهموا جاء حوت إلى السفينة فاغرا فاه ينتظر أمر ربه حتى إذا ألقى نفسه في الماء أخذه الحوت (فلو لا أنه كان من المسبحين) أي الذاكرين لله، أو المصلين له (للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) أي لصار بطن الحوت له قبرا إلى يوم البعث، وقيل للبث في بطنه حيا.
واختلف المفسرون كم أقام في بطن الحوت؟ فقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان: أربعين يوما. وقال الضحاك: عشرين يوما. وقال عطاء: سبعة أيام. وقال مقاتل بن حبان: ثلاثة أيام، وقيل ساعة واحدة.
وفي هذه الآية ترغيب في ذكر الله وتنشيط للذاكرين له (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) النبذ الطرح. والعراء.
قال ابن الأعرابي: هو الصحراء، وقال الأخفش: الفضاء، وقال أبو عبيدة: الواسع من الأرض،