النبي صلى الله عليه وآله وسلم سجد في ص وقال: سجدها داود ونسجدها شكرا. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سجد في ص ". وأخرج ابن مردويه عن أنس مثله مرفوعا. وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد قال:
" قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على المنبر ص، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود، فقال: إنما هي توبة ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل فسجد ". وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه وشدته قال: ويقول الرحمن عز وجل لداود عليه السلام مر بين يدي، فيقول داود: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي، فيقول خذ بقدمي، فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر، قال: فتلك الزلفى التي قال الله (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب).
لما تمم سبحانه قصة داود أردفها ببيان تفويض أمر خلافة الأرض إليه، والجملة مقولة لقول مقدر معطوف على غفرنا: أي وقلنا له (يا داود إنا) استخلفناك على الأرض، أو (جعلناك خليفة) لمن قبلك من الأنبياء لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر (فاحكم بين الناس بالحق) أي بالعدل الذي هو حكم الله بين عباده (ولا تتبع الهوى) أي هوى النفس في الحكم بين العباد. وفيه تنبيه لداود عليه السلام أن الذي عوتب عليه ليس بعدل وأن فيه شائبة من اتباع هوى النفس (فيضلك عن سبيل الله) بالنصب على أنه جواب للنهي وفاعل يضلك هو الهوى، ويجوز أن يكون الفعل مجزوما بالعطف على النهي، وإنما حرك لالتقاء الساكنين، فعلى الوجه الأول يكون المنهى عنه الجمع بينهما، وعلى الوجه الثاني يكون النهي عن كل واحد منهما على حدة. وسبيل الله: هو طريق الحق، أو طريق الجنة، وجملة (إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد) تعليل للنهي عن اتباع الهوى والوقوع في الضلال، والباء في (بما نسوا يوم الحساب) للسببية، ومعنى النسيان الترك: أي بسبب تركهم العمل لذلك اليوم: قال الزجاج: أي بتركهم العمل لذلك اليوم صاروا بمنزلة الناسين وإن كانوا ينذرون ويذكرون.