أي نقصته، ومنه قوله تعالى - وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون - ثم زاد سبحانه في البيان فقال (وزنوا بالقسطاس المستقيم) أي أعطوا الحق بالميزان السوي، وقد مر بيان تفسير هذا في سورة سبحان، وقد قرئ " بالقسطاس " مضموما ومكسورا (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) البخس النقص، يقال بخسه حقه إذا نقصه: أي لا تنقصوا الناس حقوقهم التي لهم، وهذا تعميم بعد التخصيص، وقد تقدم تفسيره في سورة هود، وتقدم أيضا تفسير (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) فيها وفي غيرها (واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين) قرأ الجمهور بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ أبو حصين والأعمش والحسن والأعرج وشيبة بضمهما وتشديد اللام، وقرأ السلمي بفتح الجيم مع سكون الباء، والجبلة الخليقة قاله مجاهد وغيره: يعنى الأمم المتقدمة، يقال: جبل فلان على كذا: أي خلق. قال النحاس: الخلق يقال له جبلة بكسر الحرفين الأولين وبضمهما مع تشديد اللام فيهما وبضم الجيم وسكون الباء وضمه فتحها، قال الهروي: الجبلة والجبلة والجبل والجبل لغات، وهو الجمع ذو العدد الكثير من الناس، ومنه قوله تعالى - جبلا كثيرا - أي خلقا كثيرا، ومن ذلك قول الشاعر:
والموت أعظم حادث * فيما يمر على الجبلة (قالوا إنما أنت من المسحرين. وما أنت إلا بشر مثلنا) قد تقدم تفسيره مستوفى في هذه السورة (وإن نظنك لمن الكاذبين) إن هي المخففة من الثقيلة عملت في ضمير شأن مقدر، واللام هي الفارقة أي فيما تدعيه علينا من الرسالة، وقيل هي النافية، واللام بمعنى إلا: أي ما نظنك إلا من الكاذبين، والأول أولى (فأسقط علينا كسفا من السماء) كان شعيب يتوعدهم بالعذاب إن لم يؤمنوا، فقالوا له هذا القول نعتا واستبعادا وتعجيزا. والكسف:
القطعة. قال أبو عبيدة: الكسف جمع كسفة مثل سدر وسدرة. قال الجوهري: الكسفة القطعة من الشئ، يقال: أعطني كسفة من ثوبك والجمع كسف، وقد مضى تحقيق هذا في سورة سبحان (إن كنت من الصادقين) في دعواك (قال ربي أعلم بما تعملون) من الشرك والمعاصي، فهو مجازيكم على ذلك إن شاء، وفي هذا تهديد شديد (فكذبوه) فاستمروا على تكذيبه وأصروا على ذلك (فأخذهم عذاب يوم الظلة) والظلة السحاب، أقامها الله فوق رؤوسهم فأمطرت عليهم نارا فهلكوا، وقد أصابهم الله بما اقترحوا، لأنهم إن أرادوا بالكسف القطعة من السحاب فظاهر، وإن أرادوا بها القطعة من السماء فقد نزل عليهم العذاب من جهتها، وأضاف العذاب إلى يوم الظلة لا إلى الظلة تنبيها على أن لهم في ذلك اليوم عذابا غير عذاب الظلة، كذا قيل. ثم وصف سبحانه هذا العذاب الذي أصابهم بقوله (إنه كان عذاب يوم عظيم) لما فيه من الشدة عليهم التي لا يقادر قدرها وقد تقدم تفسير قوله (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم) في هذه السورة مستوفى فلا نعيده، وفي هذا التكرير لهذه الكلمات في آخر هذه القصص من التهديد والزجر والتقرير والتأكيد مالا يخفى على من يفهم مواقع الكلام ويعرف أساليبه.
وقد أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم) قال: تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء. وأخرج عبد ابن حميد وابن المنذر عن عكرمة نحوه. وأخرجا أيضا عن قتادة (إلا عجوزا في الغابرين) قال: هي امرأة لوط غبرت في عذاب الله. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد " ليكة " قال: هي الأيكة. وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر وابن عباس في قوله (كذب أصحاب الأيكة المرسلين) قال: كانوا أصحاب غيضة من ساحل البحر إلى