يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا، فأوحى إليه ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه فقال: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كان نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا: إنما نفعله بالإماء، فنزلت هذه (يا أيها النبي قل لأزواجك) الآية. وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رجل من المنافقين يتعرض النساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا إحدى عينيها (ذلك أدنى أن يعرفن) يقول: ذلك أحرى أن يعرفن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال: أمر الله نساء المؤمنات إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها، هكذا في الزوائد بلفظ من السكينة، وليس لها معنى، فإن المراد تشبيه الأكسية السود بالغربان، لا أن المراد وصفهن بالسكينة كما يقال: كأن على رؤوسهم الطير. وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: رحم الله نساء الأنصار لما نزلت (يا أيها النبي قل لأزواجك) الآية شقن مروطهن، فاعتجرن بها وصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كانت الحرة تلبس لباس الأمة فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وإدناء الجلباب أن تقنع وتشده على جبينها.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب في قوله (لئن لم ينته المنافقون) يعني المنافقين بأعيانهم (والذين في قلوبهم مرض) شك: يعني المنافقين أيضا. وأخرج ابن سعد أيضا عن عبيد بن جبير قال (الذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة) هم المنافقون جميعا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (لنغرينك بهم) قال: لنسلطنك عليهم.
قوله (لا تكونوا كالذين آذوا موسى) هو قولهم: إن به أدرة أو برصا أو عيبا، وسيأتي بيان ذلك آخر البحث. وفيه تأديب للمؤمنين وزجر لهم عن أن يدخلوا في شئ من الأمور التي تؤذي رسول الله قال مقاتل: