قوله (تنزيل الكتاب) ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف هو اسم إشارة: أي هذا تنزيل. وقال أبو حيان:
إن المبتدأ المقدر لفظ هو ليعود على قوله - إن هو إلا ذكر للعالمين -، كأنه قيل: وهذا الذكر ما هو؟ فقيل هو تنزيل الكتاب، وقيل ارتفاعه على أنه مبتدأ وخبره الجار والمجرور بعده: أي تنزيل كائن من الله، وإلى هذا ذهب الزجاج والفراء. قال الفراء: ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى هذا تنزيل، وأجاز الفراء والكسائي النصب على أنه مفعول به لفعل مقدر: أي اتبعوا أو اقرؤا تنزيل الكتاب. وقال الفراء: يجوز نصبه على الإغراء: أي الزموا، والكتاب هو القرآن، وقوله (من الله العزيز الحكيم) على الوجه الأول صلة للتنزيل، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، أو متعلق بمحذوف على أنه حال عمل فيه اسم الإشارة المقدر (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) الباء سببية متعلقة بالإنزال: أي أنزلناه بسبب الحق، ويجوز أن تتعلق بمحذوف هو حال من الفاعل:
أي متلبسين بالحق، أو من المفعول: أي متلبسا بالحق، والمراد كل ما فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف. قال مقاتل: يقول لم ننزله باطلا لغير شئ (فاعبد الله مخلصا له الدين) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وانتصاب مخلصا على الحال من فاعل أعبد، والإخلاص أن يقصد العبد بعمله وجه الله سبحانه، والدين العبادة والطاعة، ورأسها توحيد الله وأنه لا شريك له. قرأ الجمهور " الدين " بالنصب على أنه مفعول مخلصا. وقرأ ابن أبي عبلة برفعه على أن مخلصا مسند إلى الدين على طريقة المجاز. قيل وكان عليه أن يقرأ مخلصا بفتح اللام. وفي الآية دليل على وجوب النية وإخلاصها عن الشوائب، لأن الإخلاص من الأمور القلبية التي لا تكون إلا بأعمال القلب، وقد جاءت السنة الصحيحة أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال النية، كما في حديث " إنما