التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه.
تكلم سبحانه في هذه السورة على التوحيد لأنه أقدم وأهم، ثم في النبوة لأنها الواسطة، ثم في المعاد لأنه الخاتمة. وأصل تبارك مأخوذ من البركة، وهي النماء والزيادة، حسية كانت أو عقلية. قال الزجاج: تبارك تفاعل، من البركة. قال: ومعنى البركة: الكثرة من كل ذي خير، وقال الفراء: إن تبارك وتقدس في العربية واحد، ومعناهما العظمة. وقيل المعنى: تبارك عطاؤه: أي زاد كثر، وقيل المعنى: دام وثبت. قال النحاس:
وهذا أولاها في اللغة، والاشتقاق من برك الشئ إذا ثبت، ومنه برك الجمل: أي دام وثبت. واعترض ما قاله الفراء بأن التقديس إنما هو من الطهارة، وليس من ذا في شئ. قال العلماء: هذه اللفظة لا تستعمل إلا لله سبحانه ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي، والفرقان القرآن، وسمي فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل بأحكامه، أو بين المحق والمبطل، والمراد بعبده نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. ثم علل التنزيل (ليكون للعالمين نذيرا) فإن النذارة هي الغرض المقصود من الإنزال، والمراد محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو الفرقان، والمراد بالعالمين هنا الإنس والجن، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسل إليهما، ولم يكن غيره من الأنبياء مرسلا إلى الثقلين، والنذير: المنذر:
أي ليكون محمد منذرا، أو ليكون إنزال القرآن منذرا، ويجوز أن يكون النذير هنا بمعنى المصدر للمبالغة: أي ليكون إنزاله إنذارا، أو ليكون محمد إنذارا، وجعل الضمير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى، لأن صدور الإنذار منه حقيقة ومن القرآن مجاز، والحمل على الحقيقة أولى ولكونه أقرب مذكور. وقيل إن رجوع الضمير إلى الفرقان أولى لقوله تعالى - إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم - ثم إنه سبحانه وصف نفسه بصفات أربع:
الأولى (له ملك السماوات والأرض) دون غيره فهو المتصرف فيهما، ويحتمل أن يكون الموصول الآخر بدلا أو بيانا للموصول الأول، والوصف أولى، وفيه تنبيه على افتقار الكل إليه في الوجود وتوابعه من البقاء وغيره.
والصفة الثانية (ولم يتخذ ولدا) وفيه رد على النصارى واليهود. والصفة الثالثة (ولم يكن له شريك في الملك)