قوله (وترى الظالمين) أي المشركين المكذبين بالبعث (لما رأوا العذاب) أي حين نظروا النار، وقيل نظروا ما أعده الله لهم عند الموت (يقولون هل إلى مرد من سبيل) أي هل إلى الرجعة إلى الدنيا من طريق (وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل) أي ساكنين متواضعين عند أن يعرضوا على النار لما لحقهم من الذل والهوان، والضمير في عليها راجع إلى العذاب وأنثه، لأن العذاب هو النار وقوله " يعرضون " في محل نصب على الحال، لأن الرؤية بصرية، وكذلك خاشعين، ومن الذل يتعلق بخاشعين أي من أجله (ينظرون من طرف خفي) من هي التي لابتداء الغاية: أي يبتدئ نظرهم إلى النار، ويجوز أن تكون تبعيضية، والطرف الخفي الذي يخفى نظره كالمصبور ينظر إلى السيف لما لحقهم من الذل والخوف والوجل. قال مجاهد (من طرف خفي) أي ذليل قال: وإنما ينظرون بقلوبهم لأنهم يحشرون عميا، وعين القلب طرف خفي. وقال قتادة وسعيد بن جبير والسدي والقرظي: يسارقون النظر من شدة الخوف. وقال يونس: إن " من " في " من طرف " بمعنى الباء: أي ينظرون بطرف ضعيف من الذل والخوف وبه قال الأخفش (وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة) أي أن الكاملين في الخسران: هم هؤلاء الذين جمعوا بين خسران الأنفس والأهلين في يوم القيامة. أما خسرانهم لأنفسهم فلكونهم صاروا في النار معذبين بها، وأما خسرانهم لأهليهم فلأنهم إن كانوا معهم في النار فلا ينتفعون بهم، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم وبينهم، وقيل خسران الأهل: أنهم لو آمنوا لكان لهم في الجنة أهل من الحور العين (ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) هذا يجوز أن يكون من تمام كلام المؤمنين، ويجوز
(٥٤٣)