وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) يقول: إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أنفسكم (تحية من عند الله) وهو السلام، لأنه اسم الله وهو تحية أهل الجنة. وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال:
إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله (مباركة طيبة). وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله (فسلموا على أنفسكم) قال: هو المسجد إذا دخلته فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال: إذا دخل البيت غير المسكون أو المسجد فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
جملة (إنما المؤمنون) مستأنفة مسوقة لتقدير ما تقدمها من الأحكام، و " إنما " من صيغ الحصر. والمعنى لا يتم إيمان ولا يكمل حتى يكون (بالله ورسوله) وجملة (وإذا كانوا معه علي أمر جامع) معطوفة على آمنوا داخلة معه في حيز الصلة: أي إذا كانوا مع رسول الله على أمر جامع: أي على طاعة يجتمعون عليها، نحو الجمعة والنحر والفطر والجهاد وأشباه ذلك، وسمى الأمر جامعا مبالغة (لم يذهبوا حتى يستأذنوه) قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يراه، فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن يشاء منهم. قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده. قال الزجاج: أعلم الله أن المؤمنين إذا كانوا مع نبيه فيما يحتاج فيه إلى الجماعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه، وكذلك ينبغي أن يكونوا مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه في جمع من جموعهم إلا بإذنه، وللإمام أن يأذن وله أن لا يأذن على ما يرى لقوله تعالى (فأذن لمن شئت منهم) وقرأ اليماني على أمر جميع. والحاصل أن الأمر الجامع أو الجميع هو الذي يعم نفعه أو ضرره، وهو الأمر الجليل الذي يحتاج إلى اجتماع أهل الرأي والتجارب. قال العلماء: كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن، ثم قال سبحانه (إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله) فبين سبحانه ان المستأذنين هم المؤمنون بالله ورسوله كما حكم أولا بأن المؤمنين الكاملين الإيمان: هم الجامعون بين الإيمان بهما وبين الاستئذان (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) أي إذا استأذن المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم