وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله (ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون) قال: هي الخصومة في شأن آدم حيث قالوا - أتجعل فيها من يفسد فيها -. وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن نصر في كتاب الصلاة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أتاني الليلة ربي في أحسن صورة، أحسبه قال في المنام، قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري، فعلمت ما في السماوات والأرض، ثم قال لي:
يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت نعم في الكفارات والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإبلاغ الوضوء في المكاره " الحديث. وأخرج الترمذي وصححه ومحمد ابن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه من حديث معاذ بن جبل نحوه بأطول منه، وقال " وإسباغ الوضوء في السبرات ". وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث جابر بن سمرة نحوه بأخصر منه. وأخرجا أيضا من حديث أبي هريرة نحوه، وفي الباب أحاديث.
لما ذكر سبحانه خصومة الملائكة إجمالا فيما تقدم ذكرها هنا تفصيلا، فقال (إذ قال ربك للملائكة) إذ هذه هي بدل من - إذ يختصمون - لاشتمال ما في حيز هذه على الخصومة. وقيل: هي منصوبة بإضمار أذكر والأول أولى إذا كانت خصومة الملائكة في شأن من يستخلف في الأرض. وأما إذا كانت في غير ذلك مما تقدم ذكره فالثاني أولى (إني خالق بشرا من طين) أي خالق فيما سيأتي من الزمن " بشرا ": أي جسما من جنس البشر مأخوذ من مباشرته للأرض، أو من كونه بادي البشرة. وقوله (من طين) متعلق بمحذوف هو صفة لبشر أو بخالق ومعنى (فإذا سويته) صورته على صورة البشر وصارت أجزاؤه مستوية (ونفخت فيه من روحي) أي من الروح الذي أملكه ولا يملكه غيري. وقيل هو تمثيل، ولا نفخ ولا منفوخ فيه. والمراد جعله حيا بعد أن كان جمادا لا حياة