العذاب. وذهب الجمهور أن هذا العرض هو في البرزخ، وقيل هو في الآخرة. قال الفراء: ويكون في الآية تقديم وتأخير: أي أدخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا، ولا ملجئ إلى هذا التكلف فإن قوله (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) يدل دلالة واضحة على أن ذلك العرض هو في البرزخ، وقوله (أدخلوا) هو بتقدير القول: أي يقال للملائكة أدخلوا آل فرعون، و (أشد العذاب) هو عذاب النار. قرأ حمزة والكسائي ونافع وحفص " أدخلوا " بفتح الهمزة وكسر الخاء، وهو على تقدير القول كما ذكر. وقرأ الباقون " ادخلوا " بهمزة وصل من دخل يدخل أمرا لآل فرعون بالدخول بتقدير حرف النداء: أي ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب (وإذ يتحاجون في النار) الظرف منصوب بإضمار أذكر. والمعنى: أذكر لقومك وقت تخاصمهم في النار ثم بين سبحانه هذا التخاصم فقال (فيقول الضعفاء للذين استكبروا) عن الانقياد للأنبياء والاتباع لهم، وهم رؤساء الكفر (إنا كنا لكم تبعا) جمع لتابع، كخدم وخادم، أو مصدر واقع موقع اسم الفاعل: أي تابعين أو على حذف مضاف: أي ذوي تبع. قال البصريون: التبع يكون واحدا ويكون جمعا. وقال الكوفيون:
هو جمع لا واحد له (فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار) أي هل تدفعون عنا نصيبا منها أو تحملونه معنا، وانتصاب نصيبا بفعل مقدر يدل عليه مغنون: أي هل تدفعون عنا نصيبا أو تمنعون على تضمينه معنى حاملين: أي هل أنتم حاملون معنا نصيبا، أو على المصدرية (قال الذين استكبروا إنا كل فيها) هذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر والمعنى: إنا نحن وأنتم جميعا في جهنم، فكيف نغني عنكم. قرأ الجمهور " كل " بالرفع على الابتداء، وخبره " فيها "، والجملة خبر إن، قاله الأخفش. وقرأ ابن السميفع وعيسى بن عمر " كلا " بالنصب. قال الكسائي والفراء على التأكيد لاسم إن بمعنى كلنا، وتنوينه عوض عن المضاف إليه: وقيل على الحال ورجحه ابن مالك (إن الله قد حكم بين العباد) أي قضى بينهم بأن فريقا في الجنة، وفريقا في السعير (وقال الذين في النار) من الأمم الكافرة، مستكبرهم وضعيفهم (لخزنة جهنم) جمع خازن، وهو القوام بتعذيب أهل النار (ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب) يوما ظرف ليخفف، ومفعول يخفف محذوف: أي يخفف عنا شيئا من العذاب مقدار يوم أو في يوم، وجملة (قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات) مستأنفة جواب سؤال مقدر، والاستفهام للتوبيخ والتقريع (قالوا بلى) أي أتونا بها فكذبناهم ولم نؤمن بهم ولا بما جاءوا به من الحجج الواضحة، فلما اعترفوا (قالوا) أي قال لهم الملائكة الذين هم خزنة جهنم (فادعوا) أي إذا كان الأمر كذلك فادعوا أنتم، فإنا لا ندعو لمن كفر بالله وكذب رسله بعد مجيئهم بالحجج الواضحة. ثم أخبروهم بأن دعاءهم لا يفيد شيئا فقالوا (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) أي في ضياع وبطلان وخسار وتبار، وجملة (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) مستأنفة من جهته سبحانه: أي نجعلهم الغالبين لأعدائهم القاهرين لهم، والموصول في محل نصب عطفا على رسلنا: أي لننصر رسلنا، وننصر الذين آمنوا معهم (في الحياة الدنيا) بما عودهم الله من الانتقام منهم بالقتل والسلب والأسر والقهر (ويوم يقوم الأشهاد) وهو يوم القيامة. قال زيد بن أسلم: الأشهاد هم الملائكة والنبيون. وقال مجاهد والسدي: الأشهاد الملائكة تشهد للأنبياء بالإبلاغ، وعلى الأمم بالتكذيب. قال الزجاج: الأشهاد جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب. قال النحاس: ليس باب فاعل أن يجمع على أفعال ولا يقاس عليه، ولكن ما جاء منه مسموعا أدى على ما يسمع، فهو على هذا جمع شهيد، مثل شريف وأشراف، ومعنى نصرهم يوم يقوم الأشهاد أن الله يجازيهم بأعمالهم فيدخلهم الجنة ويكرمهم بكراماته ويجازي الكفار بأعمالهم فيلعنهم ويدخلهم النار، وهو