ابن عباس في قوله (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) قال: هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: يعني الإبل خلقها الله كما رأيت، فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها.
ومثله عن الحسن وعكرمة وعبد الله بن شداد ومجاهد. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة في قوله (فلا يستطيعون توصية) الآية قال: تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح، وفي حوائجهم فلا يستطيعون توصية (ولا إلى أهلهم يرجعون) وأخرج عبد ابن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن الزبير بن العوام قال: إن الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة، ثم قرأ (فلا يستطيعون توصية) الآية. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها ". وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله (من بعثنا من مرقدنا) قال: ينامون قبل البعث نومة.
لما ذكر الله سبحانه حال الكافرين أتبعه بحكاية حال عباده الصالحين، وجعله من جملة ما يقال للكفار يومئذ زيادة لحسرتهم وتكميلا لجزعهم، وتتميما لما نزل بهم من البلاء وما شاهدوه من الشقاء، فإذا رأوا ما أعده الله لهم من أنواع العذاب، وما أعده لأوليائه من أنواع النعيم، بلغ ذلك من قلوبهم مبلغا عظيما، وزاد في ضيق صدورهم زيادة لا يقادر قدرها. والمعنى (إن أصحاب الجنة) في ذلك (اليوم في شغل) بما هم فيه من اللذات التي هي