خبره (ربكم) خبر آخر (له الملك) الحقيقي في الدنيا والآخرة لا شركة لغيره فيه، وهو خبر ثالث، وقوله (لا إله إلا هو) خبر رابع (فأنى تصرفون) أي فكيف تنصرفون عن عبادته وتنقلبون عنها إلى عبادة غيره. قرأ حمزة " أمهاتكم " بكسر الهمزة والميم. وقرأ الكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم. وقرأ الباقون بضم الهمزة وفتح الميم.
وقد أخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي أن رجلا قال: " يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا، قال: يا رسول الله إنما نعطي التماس الأجر والذكر فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا يقبل إلا ما أخلص له، ثم تلا هذه الآية (ألا لله الدين الخالص) ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (يكور الليل) قال: يحمل الليل. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (خلقا من بعد خلق) قال: علقة ثم مضغة ثم عظاما (في ظلمات ثلاث) البطن والرحم والمشيمة.
لما ذكر سبحانه النعم التي أنعم بها على عباده وبين لهم من بديع صنعه وعجيب فعله ما يوجب على كل عاقل أن يؤمن به عقبه بقوله (إن تكفروا فإن الله غني عنكم) أي غير محتاج إليكم ولا إلى إيمانكم ولا إلى عبادتكم له فإنه الغني المطلق، (و) مع كون كفر الكافر لا يضره كما أنه لا ينفعه إيمان المؤمن، فهو أيضا (لا يرضى لعباده الكفر) أي لا يرضى لأحد من عباده الكفر ولا يحبه ولا يأمر به، ومثل هذه الآية قوله - إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد - ومثلها ما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على قلب أفجر رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ".
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية هل هي على عمومها، وإن الكفر غير مرضي لله سبحانه على كل حال كما هو الظاهر، أو هي خاصة؟ والمعنى: لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، وقد ذهب إلى التخصيص حبر الأمة