وتقتيلهم، وكذا حكم المرجفين، وهو منتصب على المصدر. قال الزجاج: بين الله في الذين ينافقون الأنبياء ويرجفون بهم أن يقتلوا حيثما ثقفوا (ولن تجد لسنة الله تبديلا) أي تحويلا وتغييرا، بل هي ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء في الخلف والسلف (يسألك الناس عن الساعة) أي عن وقت قيامها وحصولها، قيل السائلون عن الساعة هم أولئك المنافقون والمرجفون لما توعدوا بالعذاب سألوا عن الساعة استبعادا وتكذيبا (وما يدريك) يا محمد:
أي ما يعلمك ويخبرك (لعل الساعة تكون قريبا) أي في زمان قريب، وانتصاب قريبا على الظرفية، والتذكير لكون الساعة في معنى اليوم أو الوقت مع كون تأنيث الساعة ليس بحقيقي، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبيان أنها إذا كانت محجوبة عنه لا يعلم وقتها، وهو رسول الله، فكيف بغيره من الناس؟ وفي هذا تهديد لهم عظيم (إن الله لعن الكافرين) أي طردهم وأبعدهم من رحمته (وأعد لهم) في الآخرة مع ذلك اللعن منه لهن في الدنيا (سعيرا) أي نارا شديدة التسعر (خالدين فيها أبدا) بلا انقطاع (لا يجدون وليا) يواليهم ويحفظهم من عذابها (ولا نصيرا) ينصرهم ويخلصهم منها، ويوم في قوله (يوم تقلب وجوهم في النار) ظرف لقوله لا يجدون، وقيل لخالدين، وقيل لنصيرا، وقيل لفعل مقدر، وهو أذكر. قرأ الجمهور " تقلب " بضم التاء وفتح اللام على البناء للمفعول. وقرأ عيسى الهمذاني وابن أبي إسحاق " نقلب " بالنون وكسر اللام على البناء للفاعل، وهو الله سبحانه. وقرأ عيسى أيضا بضم التاء وكسر اللام على معنى تقلب السعير وجوههم. وقرأ أبو حيوة وأبو جعفر وشيبة بفتح التاء واللام على معنى تتقلب، ومعنى هذا التقلب المذكور في الآية: هو تقلبها تارة على جهة منها، وتارة على جهة أخرى ظهرا لبطن، أو تغير ألوانهم بلفح النار فتسود تارة وتخضر أخرى، أو تبديل جلودهم بجلود أخرى، فحينئذ (يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) والجملة مستأنفة كأنه قيل فما حالهم؟ فقيل يقولون، ويجوز أن يكون المعنى يقولون يوم تقلب وجوهم في النار يا ليتنا الخ. تمنوا أنهم أطاعوا الله والرسول وآمنوا بما جاء به لينجوا مما هم فيه من العذاب كما نجا المؤمنون. وهذه الألف في الرسولا، والألف التي ستأتي في " السبيلا " هي الألف التي تقع في الفواصل ويسميها النحاة ألف الإطلاق، وقد سبق بيان هذا في أول هذه السورة (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا) هذه الجملة معطوفة على الجملة الأولى، والمراد بالسادة والكبراء هم الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ويقتدون بهم، وفي هذا زجر عن التقليد شديد، وكم في الكتاب العزيز من التنبيه على هذا والتحذير منه والتنفير عنه، ولكن لمن يفهم معنى كلام الله ويقتدى به وينصف من نفسه، لا لمن هو من جنس الأنعام، في سوء الفهم ومزيد البلادة وشدة التعصب. وقرأ الحسن وابن عامر " ساداتنا " بكسر التاء جمع سادة فهو جمع الجمع. وقال مقاتل: هم المطعمون في غزوة بدر، والأول أولى، ولا وجه للتخصيص بطائفة معينة (فأضلونا السبيلا) أي عن السبيل بما زينوا لنا من الكفر بالله ورسوله، والسبيل هو التوحيد، ثم دعوا عليهم في ذلك الموقف فقالوا (ربنا آتهم ضعفين من العذاب) أي مثل عذابنا مرتين. وقال قتادة: عذاب الدنيا والآخرة، وقيل عذاب الكفر وعذاب الإضلال (والعنهم لعنا كبيرا) قرأ الجمهور " كثيرا " بالمثلثة: أي لعنا كثير العدد عظيم القدر شديد الموقع، واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد والنحاس، وقرأ ابن مسعود وأصحابه ويحيى بن وثاب وعاصم بالباء الموحدة: أي كبيرا في نفسه شديدا عليهم ثقيل الموقع.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قال: خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين؟
قال: فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق، فدخلت وقالت: