بيختار، والمعنى: ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة. والصحيح الأول لإجماعهم على الوقف. وقال ابن جرير:
إن تقدير الآية ويختار لولايته الخيرة من خلقه، وهذا في غاية من الضعف. وجوز ابن عطية أن تكون كان تامة، ويكون لهم الخيرة جملة مستأنفة. وهذا أيضا بعيد جدا. وقيل إن " ما " مصدرية: أي يختار اختيارهم والمصدر واقع موقع المفعول به: أي ويختار مختارهم، وهذا كالتفسير لكلام ابن جرير. والراجح أول هذه التفاسير، ومثله قوله سبحانه - وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة - والخيرة التخير، كالطيرة فإنها التطير، إسمان يستعملان استعمال المصدر، ثم نزه سبحانه نفسه فقال (سبحان الله) أي تنزه تنزها خاصا به من غير أن ينازعه منازع ويشاركه مشارك (وتعالى عما يشركون) أي عن الذين يجعلونهم شركاء له، أو عن إشراكهم (وربك يعلم ما تكن صدورهم) أي تخفيه من الشرك، أو من عداوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو من جميع ما يخفونه مما يخالف الحق (وما يعلنون) أي يظهرونه من ذلك. قرأ الجمهور " تكن " بضم التاء الفوقية وكسر الكاف. وقرأ ابن محيصن وحميد بفتح الفوقية وضم الكاف. ثم تمدح سبحانه وتعالى بالوحدانية والتفرد باستحقاق الحمد فقال (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى) أي الدنيا (والآخرة) أي الدار الآخرة (وله الحكم) يقضي بين عباده بما شاء من غير مشارك (وإليه ترجعون) بالبعث فيجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته، لا ترجعون إلى غيره.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) قال: قال الله لم نهلك قرية بإيمان، ولكنه أهلك القرى بظلم إذا ظلم أهلها، ولو كانت مكة آمنت لم يهلكوا مع من هلك، ولكنهم كذبوا وظلموا فبذلك هلكوا. وأخرج مسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " يقول الله عز وجل: يا بن آدم مرضت فلم تعدني " الحديث بطوله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد بن عبيد بن عمير قال " يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأعطش ما كانوا وأعرى ما كانوا، فمن أطعم لله عز وجل أطعمه الله، ومن كسا لله عز وجل كساه الله، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله، ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه ". وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (فعميت عليهم الأنباء) قال: الحجج (فهم لا يتساءلون) قال: بالأنساب. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الصحيح تعليم الاستخارة وكيفية صلاتها ودعائها فلا نطول بذكره.