قيل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الساعة وعنده قوم من المشركين، فقالوا متى تكون الساعة؟
تكذيبا لها فأنزل الله الآية، ويدل على هذا قوله (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) استعجال استهزاء منهم بها وتكذيبا بمجيئها (والذين آمنوا مشفقون منها) أي خائفون وجلون من مجيئها. قال مقاتل: لأنهم لا يدرون على ما يهجمون عليه. وقال الزجاج: لأنهم يعلمون أنهم محاسبون ومجزيون (ويعلمون أنها الحق) أي أنها آتية لا ريب فيها، ومثل هذا قوله - والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون -. ثم بين ضلال الممارين فيها فقال (ألا إن الذين يمارون في الساعة) أي يخاصمون فيها مخاصمة شك وريبة، من المماراة وهي المخاصمة والمجادلة، أو من المرية وهي الشك والريبة (لفي ضلال بعيد) عن الحق لأنهم لم يتفكروا في الموجبات للإيمان بها من الدلائل التي هي مشاهدة لهم منصوبة لأعينهم مفهومة لعقولهم، ولو تفكروا لعلموا أن الذي خلقهم ابتداء قادر على الإعادة.
وقد أخرج ابن جرير عن السدي (أن أقيموا الدين) قال: اعملوا به. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) قال: ألا تعلموا أن الفرقة هلكة وأن الجماعة ثقة (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه). قال: استكبر المشركون أن قيل لهم: لا إله إلا الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد (الله يجتبى إليه من يشاء) قال: يخلص لنفسه من يشاء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له) قال: هم أهل الكتاب كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله. وقال: هم قوم من أهل الضلالة وكانوا يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله (والذين يحاجون في الله) الآية. قال: هم اليهود والنصارى. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحوه. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: لما نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح " قال المشركون لمن بين أظهرهم من المؤمنين:
قد دخل الناس في دين الله أفواجا فأخرجوا من بين أظهرنا فنزلت (والذين يحاجون في الله) الآية.