ينظرون ما يقال لهم أو ينتظرون ذلك. قرأ الجمهور " قيام " بالرفع على أنه خبر، وينظرون في محل نصب على الحال وقرأ زيد بن علي بالنصب على أنه حال، والخبر ينظرون، والعامل في الحال ما عمل في إذا الفجائية. قال الكسائي:
كما تقول خرجت فإذا زيد جالسا (وأشرقت الأرض بنور ربها) الإشراق الإضاءة، يقال أشرقت الشمس:
إذا أضاءت، وشرقت: إذا طلعت، ومعنى بنور ربها: بعدل ربها، قاله الحسن وغيره. وقال الضحاك: بحكم ربها، والمعنى: أن الأرض أضاءت وأنارت بما أقامه الله من العدل بين أهلها، وما قضى به من الحق فيهم، فالعدل نور والظلم ظلمات. وقيل إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق به غير نور الشمس والقمر، ولا مانع من الحمل على المعنى الحقيقي، فإن الله سبحانه هو نور السماوات والأرض. قرأ الجمهور " أشرقت " مبنيا للفاعل، وقرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وعبيد بن عمير على البناء للمفعول " ووضع الكتاب " قيل هو اللوح المحفوظ. وقال قتادة: يعني الكتب والصحف التي فيها أعمال بني آدم فآخذ بيمينه وآخذ بشماله، وكذا قال مقاتل. وقيل هو من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه: أي وضع الكتاب للحساب (وجئ بالنبيين) أي جيء بهم إلى الموقف فسئلوا عما أجابتهم به أممهم (والشهداء) الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما في قوله - وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس - وقيل المراد بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله. وقيل هم الحفظة كما قال تعالى - وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد - (وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون) أي وقضى بين العباد بالعدل والصدق، والحال أنهم لا يظلمون: أي لا ينقصون من ثوابهم ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم (ووفيت كل نفس ما عملت) من خير وشر (وهو أعلم بما يفعلون) في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد، وإنما وضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة. ثم ذكر سبحانه تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت فقال (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا) أي سيق الكافرون إلى النار حال كونهم زمرا: أي جماعات متفرقة بعضها يتلوا بعضا. قال أبو عبيدة والأخفش: زمرا جماعات متفرقة بعضها إثر بعض، ومنه قول الشاعر:
وترى الناس إلى أبوابه * زمرا تنتابه بعد زمر واشتقاقه من الزمر، وهو الصوت، إذ الجماعة لا تخلو عنه (حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها) أي فتحت أبواب النار ليدخلوها، وهي سبعة أبواب، وقد مضى بيان ذلك في سورة الحجر (وقال لهم خزنتها) جمع خازن نحو سدنة وسادن (ألم يأتكم رسل منكم) أي من أنفسكم (يتلون عليكم آيات ربكم) التي أنزلها عليهم (وينذرونكم لقاء يومكم هذا) أي يخوفونكم لقاء هذا اليوم الذي صرتم فيه، قالوا لهم هذا القول تقريعا وتوبيخا، فأجابوا بالاعتراف ولم يقدروا على الجدل الذي كانوا يتعللون به في الدنيا لانكشاف الأمر وظهوره، ولهذا (قالوا بلى) أي قد أتتنا الرسل بآيات الله وأنذرونا بما سنلقاه (ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) وهي - لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين - فلما اعترفوا هذا الاعتراف (قيل ادخلوا أبواب جهنم) التي قد فتحت لكم لتدخلوها وانتصاب (خالدين) على الحال: أي مقدرين الخلود (فبئس مثوى المتكبرين) المخصوص بالذم محذوف:
أي بئس مثواهم جهنم، وقد تقدم تحقيق المثوى في غير موضع.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (مقاليد السماوات والأرض) قال:
مفاتيحها. وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في سننه وأبو الحسن القطان وابن السني وابن المنذر وابن أبي حاتم