ومنه - أتوكأ عليها - واتكأ على الشئ فهو متكئ، والموضع متكأ، والزخرف: الذهب. وقيل الزينة أعم من أن تكون ذهبا أو غيره. قال ابن زيد: هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث. وقال الحسن:
النقوش وأصله الزينة، يقال زخرفت الدار: أي زينتها، (و) انتصاب (زخرفا) بفعل مقدر: أي وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا، أو بنزع الخافض: أي أبوابا وسررا من فضة ومن ذهب، فلما حذف الخافض انتصب. ثم أخبر سبحانه أن جميع ذلك إنما يتمتع به في الدنيا فقال (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا) قرأ الجمهور " لما " بالتخفيف وقرأ عاصم وحمزة وهاشم عن ابن عامر بالتشديد. فعلى القراءة الأولى تكون إن هي المخففة من الثقيلة، وعلى القراءة الثانية هي النافية. ولما بمعنى إلا: أي ما كل ذلك إلا شيء يتمتع به في الدنيا. وقرأ أبو رجاء بكسر اللام من " لما " على أن اللام للعلة وما موصولة والعائد محذوف: أي للذي هو متاع (والآخرة عند ربك للمتقين) أي لمن اتقى الشرك والمعاصي وآمن بالله وحده وعمل بطاعته، فإنها الباقية التي لا تفنى ونعيمها الدائم الذي لا يزول.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس (إنا وجدنا آباءنا على أمة) قال: على دين. وأخرج عبد بن حميد عنه (وجعلها كلمة باقية) قال: لا إله إلا الله (في عقبه) قال: عقب إبراهيم ولده. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عنه أيضا أنه سئل عن قول الله (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) ما القريتان؟
قال: الطائف ومكة، قيل فمن الرجلان؟ قال: عمير بن مسعود، وخيار قريش. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضا قال: يعنى بالقريتين مكة والطائف، والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في الآية قال: يعنون أشرف من محمد الوليد بن المغيرة من أهل مكة ومسعود بن عمرو الثقفي من أهل الطائف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (لولا أن يكون الناس أمة واحدة) الآية يقول: لولا أن نفعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت الكفار سقفا من فضة ومعارج من فضة، وهي درج عليها يصعدون إلى الغرف وسرر فضة، وزخرفا: وهو الذهب. وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضه ما سقى منها كافرا شربة ماء ".