بأسبابها ومشاهدتهم إياها، فيكون الاستثناء على هذا متصلا. واختار ابن جرير أن إلا بمعنى بعد، واختار كونها بمعنى سوى ابن عطية (ووقاهم عذاب الجحيم). قرأ الجمهور " وقاهم " بالتخفيف، وقرأ أبو حيوة بالتشديد على المبالغة (فضلا من ربك) أي لأجل الفضل منه، أو أعطاهم ذلك عطاء فضلا منه (ذلك هو الفوز العظيم) أي ذلك الذي تقدم ذكره هو الفوز الذي لا فوز بعده المتناهي في العظم. ثم لما بين سبحانه الدلائل وذكر الوعد والوعيد، قال (فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون) أي إنما أنزلنا القرآن بلغتك كي يفهمه قومك، فيتذكروا ويعتبروا ويعملوا بما فيه، أو سهلناه بلغتك عليك وعلى من يقرؤه لعلهم يتذكرون (فارتقب إنهم مرتقبون) أي فانتظر ما وعدناك من النصر عليهم وإهلاكهم على يدك فإنهم منتظرون ما ينزل بك من موت أو غيره، وقيل انتظر أن يحكم الله بينك وبينهم، فإنهم منتظرون بك نوائب الدهر، والمعنى متقارب.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ذق إنك أنت العزيز الكريم) يقول: لست بعزيز ولا كريم. وأخرج الأموي في مغازيه عن عكرمة قال: " لقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا جهل، فقال: إن الله أمرني أن أقول لك - أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى - قال: فنزع يده من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شئ، لقد علمت أني أمنع أهل بطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته وأنزل: ذق إنك أنت العزيز الكريم ". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (شجرت الزقوم طعام الأثيم) قال: المهل. وأخرج عنه أيضا (ذق إنك أنت العزيز الكريم) قال: هو أبو جهل بن هشام.
بحمد الله تعالى تم طبع الجزء الرابع، ويليه الجزء الخامس وأوله: تفسير سورة الجاثية