فبعث الله الريح على المشركين (وكفى الله المؤمنين القتال) ولحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وأمر بقبة من أدم، فضربت على سعد في المسجد، قالت: فجاء جبريل، وإن على ثناياه لوقع الغبار، فقال: أو قد وضعت السلاح؟ لا والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح: اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم، فلبس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لامته، وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم، قيل لهم أنزلوا على حكم رسول الله، قالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سعد بن معاذ فأتى به على حمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: احكم فيهم، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم أموالهم، فقال:
لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله ".
قوله (يا أيها النبي قل لأزواجك) قيل هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدمها من المنع من إيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان قد تأذى ببعض الزوجات. قال الواحدي: قال المفسرون: إن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألنه شيئا من عرض الدنيا وطلبن منه الزيادة في النفقة وآذينه بغيرة بعضهن على بعض، فآلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهن شهرا، وأنزل الله آية التخيير هذه، وكن يومئذ تسعا: عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة وسودة هؤلاء من نساء قريش وصفية الخيبرية وميمونة الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. ومعنى (الحياة الدنيا وزينتها) سعتها ونضارتها ورفاهيتها والتنعم فيها (فتعالين) أي أقبلن إلي (أمتعكن) بالجزم جوابا للأمر: أي أعطكن المتعة (و) كذا (أسرحكن) بالجزم: أي أطلقكن