قوله تعالى: (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان) الخطاب للمؤمنين، وتوليهم:
فرارهم من العدو. والجمعان: جمع المؤمنين، وجمع المشركين، وذلك يوم أحد. واستزلهم.
طلب زللهم، قال ابن قتيبة: هو كما تقول: استعجلت فلانا، أي: طلبت عجلته، واستعملته:
طلبت عمله. والذي كسبوا: يريد به الذنوب. وفي سبب فرارهم يؤمئذ قولان:
أحدها: أنهم سمعوا أن النبي [صلى الله عليه وسلم: قد قتل، فترخصوا في الفرار، قاله ابن عباس في آخرين.
والثاني: أن الشيطان أذكرهم خطاياهم، فكرهوا لقاء الله إلا على حال يرضونها، قاله الزجاج.
يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير (156) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا) أي: كالمنافقين الذين قالوا لإخوانهم في النفاق، وقيل: إخوانهم في النسب. قال الزجاج: وإنما قال: " إذا ضربوا " ولم يقل:
إذ ضربوا، لأنه يريد: شأنهم هذا أبدا، تقول: فلان إذا حدث صدق، وإذا ضرب صبر. و " إذا " لما يستقبل، إلا أنه لم يحكم له بهذا المستقبل إلا لما قد خبر منه فيما مضى. قال المفسرون:
ومعنى (ضربوا في الأرض): ماتوا، أو غزوا، فقتلوا.
قوله تعالى: (ليجعل الله ذلك) قال ابن عباس: ليجعل الله ما ظنوا من أنهم لو كانوا عندهم، سلموا، (حسرة في قلوبهم) أي: حزنا. قال ابن فارس: الحسرة: التلهف على الشئ الفائت.
قوله تعالى: (والله يحيي ويميت) أي: ليس تحرز الانسان يمنعه من أجله.
قوله تعالى: (والله بما تعملون بصير) قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: يعملون بالياء،