قوله تعالى: (إذ تصعدون) قال المفسرون: " إذ " متعلقة بقوله [تعالى]: (ولقد عفا عنكم) وأكثر القراء على ضم التاء، وكسر العين، من قوله تعالى: " تصعدون " وهو من الإصعاد.
وروى أبان عن ثعلب، عن عاصم فتحها، وهي قراءة الحسن، ومجاهد، وهو من الصعود. قال الفراء: الإصعاد في ابتداء الأسفار، والمخارج، تقول: أصعدنا من بغداد إلى خراسان، فإذا صعدت على سلم أو درجة، قلت: صعدت، ولا تقول: أصعدت. وقال الزجاج: كل من ابتدأ مسيرا من مكان، فقد أصعد، فأما الصعود، فهو من أسفل إلى فوق ومن فتح التاء والمعين، أراد الصعود في الجبل. وللمفسرين في معنى الآية قولان:
أحدهما: أنه صعودهم في الجبل، قاله ابن عباس ومجاهد.
والثاني: أنه الإبعاد في الهزيمة، قاله قتادة، وابن قتيبة، (وتلوون) بمعنى: (تعرجون).
وقوله تعالى: (على أحد) عام، وقد روي عن ابن عباس أنه أريد به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
والنبي [صلى الله عليه وسلم] يناديهم من خلفهم: " إلى عباد الله، أنا رسول الله "، وقرأت عائشة، وأبو مجلز، وأبو الجوزاء، وحميد " على أحد " بضم الألف والحاء، يعنون الجبل.
قوله تعالى: (فأثابكم) أي: جازاكم. قال الفراء: الإثابة هاهنا بمعنى عقاب، ولكنه كما قال الشاعر:
أخاف زيادا أن يكون عطاؤه * أداهم سودا أو محدرجة سمرا المحدرجة: إلى السياط. والسود فيما يقال: القيود.
قوله تعالى: (غما بغم) في هذه الباء أربعة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى " مع ".
والثاني: بمعنى " بعد ".
والثالث: بمعنى " على "، فعلى هذه الثلاثة الأقوال يتعلق الغمان بالصحابة. وللمفسرين في المراد بهذين الغمين خمسة أقوال:
أحدها: أن الغم الأول ما أصابهم من الهزيمة والقتل.
والثاني: إشراف خالد بن الوليد بخيل المشركين عليهم، قاله ابن عباس ومقاتل.
والثاني: أن الأول فرارهم الأول، والثاني: فرارهم حين سمعوا أن محمد قد قتل، قاله مجاهد.
والثالث: أن الأول، ما فاتهم من الغنيمة وأصابهم من القتل والجراح، والثاني: حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، قاله قتادة.