قوله تعالى: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) قال أبو العالية: أخذ الله ميثاقهم أن يخلصوا له العبادة، ولا يعبدوا غيره. وقال مقاتل: أن يعملوا بما في التوراة. وفي معنى النقيب ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الضمين، قاله الحسن، ومعناه: أنه ضمين ليعرف أحوال من تحت يده، ولا يجوز أن يكون ضمينا عنهم بالوفاء، لأن ذلك لا يصح ضمانة. وقال ابن قتيبة: هو الكفيل على القوم.
والنقابة شبيهة بالعرافة.
والثاني: أنه الشاهد، قاله قتادة. وقال ابن فارس: النقيب: شاهد القوم، وضمينهم.
والثالث: الأمين، قاله الربيع بن أنس، وهذه الأقوال تتقارب. قال الزجاج:
النقيب في اللغة، كالأمين والكفيل، يقال: نقب الرجل على القوم ينقب: إذا صار نقيبا عليهم، وصناعته النقابة، وكذلك عرف عليهم: إذا صار عريفا، ويقال لأول ما يبدو من الجرب: النقبة، ويجمع النقب والنقب. وقال الشاعر:
متبذلا تبدو محاسنه * يضع الهناء مواضع النقب ويقال: في فلان مناقب جميلة، وكل الباب معناه: التأثير الذي له عمق ودخول، ومن ذلك نقبت الحائط، أي: بلغت في النقب آخره، والنقبة من الجرب: داء شديد الدخول. وإنما قيل:
نقيب، لأنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعرف مناقبهم، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم. ونقل ان الله تعالى أمر موسى وقومه بالسير إلى الأرض المقدسة، وكان يسكنها الجبارون، فقال تعالى: يا موسى اخرج إليها وجاهد من فيها من العدو، وخذ من قومك اثني عشر نقيبا، من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به، فاختاروا النقباء. وفيما بعثوا له قولان:
أحدهما: أن موسى بعثهم إلى بيت المقدس، ليأتوه بخبر الجبارين، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي.
والثاني: أنهم بعثوا ضمناء على قومهم بالوفاء بميثاقهم، قاله الحسن، وابن إسحاق. وفي نبوتهم قولان: أصحهما: أنهم ليسوا بأنبياء.
قوله تعالى: (وقال الله) في الكلام محذوف. تقديره: وقال الله لهم، وفي المقول لهم قولان:
أحدهما: أنهم بنو إسرائيل، قاله الجمهور.
والثاني: أنهم النقباء، قاله الربيع، ومقاتل. ومعنى (إني معكم)، أي: بالعون والنصرة.
وفي معنى: (وعزرتموهم) قولان:
أحدهما: أنه الإعانة والنصر، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد وقتادة والسدي.