والثاني: أن أبا الدرداء قتل رجلا قال لا إله إلا الله في بعض السرايا، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ما صنع، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن زيد. قال الزجاج: معنى الآية: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا البتة. والاستثناء ليس من الأول، وإنما المعنى: إلا أن يخطئ المؤمن. روى أبو عبيدة، عن يونس: أنه سأل رؤبة عن هذه الآية، فقال: ليس له أن يقتله عمدا ولا خطأ، ولكنه أقام " إلا " مقام " الواو " قال الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه * لعمر أبيك إلا الفرقدان أراد: والفرقدان. وقال بعض أهل المعاني: تقدير الآية: لكن قد يقتله خطأ، وليس ذلك فيما جعل الله له، لأن الخطأ لا تصح فيه الإباحة، ولا النهي. وقيل: إنما وقع الاستثناء على ما تضمنته الآية من استحقاق الاثم، وإيجاب القتل.
قوله تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) قال سعيد بن جبير: عتق الرقبة واجب على القاتل في ماله، واختلفوا في عتق الغلام الذي لا يصح منه فعل الصلاة والصيام، فروي عن أحمد جوازه، وكذلك روى ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وهذا قول عطاء، ومجاهد. وروي عن أحمد: لا يجزئ إلا من صام وصلى، وهو قول ابن عباس في رواية، والحسن، والشعبي، وإبراهيم، وقتادة.
قوله تعالى: (ودية مسلمة إلى أهله) قال القاضي أبو يعلى: ليس في هذه الآية بيان من تلزمه هذه الدية، واتفق الفقهاء على أنها عاقلة القاتل، تحملها عنه على طريق المواساة، وتلزم العاقلة في ثلاث سنين، كل سنة ثلثها، والعاقلة: العصبات من ذوي الأنساب. ولا يلزم الجاني منها شئ.
وقال أبو حنيفة: هو كواحد من العاقلة.
وللنفس ستة أبدال: من الذهب ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألف درهم، ومن الإبل مائة، ومن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفا شاة، وفي الحلل روايتان عن أحمد. إحداهما: أنها أصل، فتكون مائتا حلة. فهذه دية الذكر الحر المسلم، ودية الحرة المسلمة على النصف من ذلك.