والثالث: العلماء، قاله الحسن، وقتادة، وابن جريج.
والرابع: أمراء السرايا، قاله ابن زيد، ومقاتل. وفي (الذين يستنبطونه) قولان:
أحدهما: أنهم الذين يتتبعونه من المذيعين له، قاله مجاهد.
والثاني: أنهم أولو الأمر، قاله ابن زيد. و " الاستنباط " في اللغة: الاستخراج. قال الزجاج: أصله من النبط، وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر، يقال من ذلك: قد أنبط فلان في غضراء، أي: استنبط الماء من طين حر. والنبط: سموا نبطا، لاستنباطهم ما يخرج من الأرض. قال ابن جرير: ومعنى الآية: وإذا جاءهم خبر عن سرية للمسلمين بخير أو بشر أفشوه، ولو سكتوا حتى يكون الرسول وذوو الأمر يتولون الخبر عن ذلك، فيصححوه إن كان صحيحا، أو يبطلوه إن كان باطلا، لعلم حقيقة ذلك من يبحث عنه من أولي الأمر.
قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم).
في المراد بالفضل أربعة أقوال:
أحدها: أنه رسول الله.
والثاني: الإسلام.
والثالث: القرآن.
والرابع: أولو الأمر. وفي الرحمة أربعة أقوال:
أحدها: أنها الوحي.
والثاني: اللطف.
والثالث: النعمة.
والرابع: التوفيق.
قوله تعالى: (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) في معنى هذا الاستثناء ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه راجع إلى الإذاعة، فتقديره: أذاعوا به إلا قليلا. وهذا قول ابن عباس، وابن زيد، واختاره الفراء، وابن جرير.
والثاني: أنه راجع إلى المستنبطين، فتقديره: لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا، وهذا قول الحسن، وقتادة، واختاره ابن قتيبة. فعلى هذين القولين، في الآية تقديم وتأخير.
والثالث: أنه راجع إلى اتباع الشيطان، فتقديره: لاتبعتم الشيطان إلا قليلا منكم، وهذا قول الضحاك، واختاره الزجاج. وقال بعض العلماء: المعنى: لولا فضل الله بإرسال النبي إليكم، لضللتم إلا قليلا منكم كانوا يستدركون بعقولهم معرفة الله، ويعرفون ضلال من يعبد غيره، كقيس بن ساعدة.