فأما ذكر الايمان، فشرط في إباحتهن، ولا يجوز نكاح الأمة الكتابية، هذا قول الجمهور، وقال أبو حنيفة: يجوز.
قوله تعالى: (والله أعلم بإيمانكم) قال الزجاج: معناه: اعملوا على ظاهركم في الإيمان، فإنكم متعبدون بما ظهر من بعضكم لبعض. قال: وفي قوله [تعالى]: (بعضكم من بعض) وجهان:
أحدهما: أنه أراد النسب، أي: كلكم ولد آدم. ويجوز أن يكون معناه: دينكم واحد، لأنه ذكر هاهنا المؤمنات. وإنما قيل لهم ذلك، لأن العرب كانت تطعن في الأنساب، وتفخر بالأحساب، وتسمي ابن الأمة: الهجين، فأعلم الله عز وجل أن أمر العبيد وغيرهم مستوفى باب الإيمان، وإنما كره التزويج بالأمة، وحرم إذا وجد إلى الحرة سبيلا، لأن ولد الأمة من الحر يصيرون رقيقا، ولأن الأمة ممتهنة في عشرة الرجال، وذلك يشق على الزوج.
قال ابن الأنباري: ومعنى الآية كلكم بنو آدم، فلا يتداخلكم شموخ وأنفة من تزوج الإماء عند الضرورة.
وقال ابن جرير: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات فلينكح بعضكم من بعض، أي: لينكح هذا فتاة هذا.
قوله تعالى: (فانكحوهن) يعني: الإماء (بإذن أهلهن) أي: سادتهن. و " الأجور ":
المهور. وفي قوله (بالمعروف) قولان:
أحدهما: أنه مقدم في المعنى، فتقديره: انكحوهن بإذن أهلهن بالمعروف، أي: بالنكاح الصحيح (وآتوهن أجورهن).
والثاني: أن المعنى: وآتوهن أجورهن بالمعروف، كمهور أمثالهن. قال ابن عباس:
" محصنات ": عفائف غير زوان (ولا متخذات أخدان) يعني: أخلاء كان الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنى، ويستحلون ما خفي. وقال في رواية أخرى: " المسافحات ": المعلنات بالزنى.
و " المتخذات أخدان ": ذات الخليل الواحد. وقال غيره: كانت المرأة تتخذ صديقا تزني معه، ولا تزني مع غيره.
قوله تعالى: (فإذا أحصن) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " أحصن " مضمومة الألف. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر، والمفضل عن عاصم: بفتح الألف، والصاد.
قال ابن جرير: من قرأ بالفتح، أراد: أسلمن، فصرن ممنوعات الفروج عن الحرام بالاسلام، ومن