ولا يتوجه إليها إلا من استخدم العلم بما لا مزيد عليه، ويجئ الملاحظ المتأخر، فيجد مواقف سقوطه ومحال اشتباهه، وينادي بأعلى صوته:
عذري منه جهلي.
وبالجملة: يجوز أن يكون " الشرقية " و " الشرق " في القرآن رمزا إلى المعنويات، و " الغربية " و " الغرب " اصطلاحا للماديات، فإذا نقرأ قوله تعالى: * (لا شرقية ولا غربية) * (1) يخطر بالبال: أن المراد هو الحد الوسط وإذا نقرأ قوله تعالى: * (وما كنت بجانب الغربي) * (2)، وقوله: * (إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) * (3)، نظن فيهما ذلك الأمر، وإذا نراجع تأريخ حياة الأنبياء نجدهم أنهم من الشرق، وإذا نراجع تأريخ علماء الطبيعة والمادة والمخترعين نجدهم غربيين، فربما تكون لانعكاسات الشمس وارتعاشات الكرات والأرض، دخالة في هذا الأمر وذاك.
ومن هنا يخطر ببالنا: أن حديث بعثة الأنبياء ليس حديثا خارجا عن حديث بعثة المخترعين وسائر البعثات، وأن الكل مبعوثون في وجه من قبل الغيب، وفي وجه من دخالة الشرائط المادية والمقتضيات المحلية والقطرية، ونصل بعد ذلك إلى ما سلف منا في المباحث السابقة، ويتأكد ذلك البحث بما أشير إليه جدا.
فلو كان نزول الوحي من السماء بلا اقتضاء من قبل الإنسان الأرضي،